الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى تداخل الأصول الثلاثية

صفحة 425 - الجزء 1

  مع ذلك واحد، فهو أشدّ لإلباسه. وإنما (ضياط) من تركيب (ض ى ط)، وضيطار من تركيب (ض ط ر). ومنه (قول جرير):

  تعدّون عقر النيب أفضل مجدكم ... بنى ضوطرى! لو لا الكمىّ المقنعا⁣(⁣١)

  فضيّاط يحتمل مثاله ثلاثة أوجه: أحدها أن يكون فعّالا كخيّاط وربّاط، والآخر أن يكون فيعالا كخيتام وغيداق، والثالث أن يكون فوعالا كتوراب. فإن قلت: إن فوعالا لم يأت صفة، قيل اللفظ يحتمله وإن كانت اللغة تمنعه. ومن ذلك لوقة وألوقة، وصوص وأصوص، وينجوج وألنجوج ويلنجوج⁣(⁣٢)، وضيف وضيفن فى قول أبى زيد. ومن ذلك حيّة وحوّاء، فليس حوّاء من لفظ حيّة كعطّار من العطر، وقطّان من القطن، بل حيّة من لفظ (ح ى ى) من مضاعف الياء، وحوّاء من تركيب (ح وى) كشوّاء وطوّاء. ويدلّ على أن الحيّة من مضاعف الياء ما حكاه صاحب الكتاب من قولهم فى الإضافة إلى حيّة بن بهدلة: حيوىّ. فظهور الياء عينا فى حيوىّ قد علمنا منه كون العين ياء، وإذا كانت العين ياء واللام معتلّة فالكلمة من مضاعف الياء البتة؛ ألا ترى أنه ليس فى كلامهم نحو حيوت. وهذا واضح. ولو لا هذه الحكاية لوجب أن تكون الحيّة والحوّاء من لفظ واحد؛ لضربين من القياس: أمّا أحدهما فلأن فعّالا فى المعاناة إنما يأتى من لفظ المعانى؛


(١) البيت من الطويل، وهو لجرير فى ديوانه ص ٩٠٧، وتخليص الشواهد ص ٤٣١، وجواهر الأدب ص ٣٩٤، وخزانة الأدب ٣/ ٥٥، ٥٧، ٦٠، والدرر ٢/ ٢٤٠، وشرح شواهد الإيضاح ص ٧٢، وشرح شواهد المغنى ٢/ ٦٦٩، وشرح المفصل ٢/ ٣٨، ٨/ ١٤٤، والمقاصد النحوية ٤/ ٤٧٥، ولسان العرب (أما لا) وتاج العروس (لو) وللفرزدق فى الأزهية ١٦٨، ولسان العرب (ضطر)، ولجرير أو للأشهب بن رميلة فى شرح المفصل ٨/ ١٤٥، وبلا نسبة فى الأزهية ص ١٧٠، والأشباه والنظائر ١/ ٢٤٠، والجنى الدانى ص ٦٠٦، وخزانة الأدب ١١/ ٢٤٥، ورصف المبانى ص ٢٩٣، وشرح الأشمونى ٣/ ٦١٠، وشرح ابن عقيل ص ٦٠٠، وشرح عمدة الحافظ ص ٣٢١، وشرح المفصل ٢/ ١٠٢، والصاحبى فى فقه اللغة ص ١٦٤، ١٨٢، ومغنى اللبيب ١/ ٢٧٤، وهمع الهوامع ١/ ١٤٨. يقال للقوم إذا كانوا لا يغنون: بنو ضوطرى. وجرير يهجو بهذا الفرزدق وقومه. انظر اللسان (ضطر).

(٢) اللوقة والألوقة: طعام طيب يكون من الزبد والرطب. الصوص: البخيل. والأصوص: الناقة الكريمة الموثقة الخلق. ينجوج وألنجوج ويلجوج: هو عود طيب الريح يتبخر به.