الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى تداخل الأصول الثلاثية

صفحة 428 - الجزء 1

  وذهب محمد بن حبيب فى ذلك إلى أنه من لفظ (العنس) وأن اللام زائدة، وذهب بها مذهب زيادتها فى ذلك، وأولالك، وعبدل وبابه. وقياس قول محمد بن حبيب هذا أن تكون اللام فى فيشلة وطيسل زائدة. وما أراه إلا أضعف القولين؛ لأن زيادة النون ثانية أكثر من زيادة اللام فى كل موضع، فكيف بزيادة النون غير ثانية. وهو أكثر من أن أحصره لك.

  فهذه طريق تداخل الثلاثى [بعضه فى بعض. فأمّا تداخل الثلاثيّ] والرباعىّ لتشابههما فى أكثر الحروف فكثير؛ منه قولهم: سبط، وسبطر. فهذان أصلان لا محالة؛ ألا ترى أن أحدا لا يدّعى زيادة الراء. ومثله سواء دمث، ودمثر، وحبج، وحبجر⁣(⁣١). وذهب أحمد بن يحيى فى قوله:

  * يردّ قلخا وهديرا زغدبا⁣(⁣٢) *

  إلى أن الباء زائدة، وأخذه من زغد البعير يزغد زغدا فى هديره. وقوله: إن الباء زائدة كلام تمجّه الآذان، وتضيق عن احتماله المعاذير. وأقوى ما يذهب إليه فيه أن يكون أراد أنهما أصلان مقتربان كسبط وسبطر. وإن أراد ذلك أيضا فإنه قد تعجرف. ولكن قوله فى أسكفّة الباب: إنها من استكفّ الشئ أى انقبض أمر لا ينادى⁣(⁣٣) وليده، روينا ذلك عنه. وروينا عنه أيضا أنه قال فى (تنّور): إنه تفعول من النار. وروينا عنه أيضا أنه قال: الطيخ: الفساد [قال]: فهو من تواطخ القوم. وسنذكر ذلك فى باب سقطات العلماء بإذن الله.


(عسل)، وللنابغة الجعدى فى ديوانه ص ٩٠، وتهذيب اللغة ٢/ ٩٦، ١٢/ ٤٢٨، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ٣٥، ٨٤٢، ومقاييس اللغة ٤/ ٣١٤، وديوان الأدب ٢/ ١٧٩، والمخصص ٧/ ١٢٦، ٨/ ٦٨، وكتاب العين ١/ ٣٣٣، ٧/ ٢٥٧، وتاج العروس (نسل)، ولسان العرب (نسل).

(١) الحبج: المنتفخ السمين. والحبجر أيضا: الغليظ.

(٢) الرجز لرؤبة بن العجاج فى لسان العرب (ددن)، وتهذيب اللغة ٢/ ٢٤٩، وتاج العروس (ببب)، وليس فى ديوانه، وللعجاج فى ملحق ديوانه ٢/ ٢٧٠، وسر صناعة الإعراب ١/ ١٢٢، ولسان العرب (زغدب)، (زغد). القلخ والزغدب: هدير البعير.

(٣) أمر لا ينادى وليده: هذا مثل يضرب للشيء الشديد الذى ينادى فيه العظماء لا الصغار.