باب فى تداخل الأصول الثلاثية
  ولكن من الأصلين المتداخلين: الثلاثيّ والرباعىّ قولهم: زرم، وازرأمّ، وخضل، واخضألّ، وأزهر، وازهأرّ، وضفد واضفأدّ، وزلم القوم، وازلأمّوا، وزغب الفرخ، وازلغبّ. ومنه قولهم: مبلع، وبلعوم، وحلق، وحلقوم، وشيء صلد، وصلادم، وسرطم، وسرواط. وقالوا للأسد: هرماس؛ وحدثنا أبو علىّ عن الأصمعىّ أنه قال فى هرماس: إنه (من الهرس). وحدثنا أيضا أنهم يقولون:
  لبن فمارص. وقالوا دلاص، ودلامص، ودمالص(١). وأنشد ابن الأعرابىّ:
  فباتت تشتوى والليل داج ... ضماريط استها فى غير نار(٢)
  ومن هذا أيضا قولهم: بعير أشدق، وشدقم.
  وينبغى أن يكون جميع هذا من أصلين ثلاثىّ، ورباعيّ. وهو قياس قول أبى عثمان؛ ألا تراه قال فى دلامص: إنه رباعيّ، وافق أكثره حروف الثلاثيّ؛ كسبط، وسبطر، ولؤلؤ، ولآل. فلؤلؤ رباعيّ، ولآل ثلاثىّ. وقياس مذهب الخليل بزيادة الميم فى دلامص، أن تكون الميم فى هذا كله زائدة، وتكون على مذهب أبى عثمان أصلا، وتكون الكلم التى اعتقبت هذه الحروف عليها أصلين، لا أصلا واحدا. نعم، وإذا جاز للخليل أن يدّعى زيادة الميم حشوا - وهو موضع عزيز عليها - فزيادتها آخرا أقرب مأخذا؛ لأنها لمّا تأخّرت شابهت بتطرّفها أوّل الكلمة الذى هو معان لها ومظنّة منها. فقياس قوله فى دلامص: إنه فعامل أن يقول فى دمالص: فماعل، وكذلك فى قمارص، وأن يقول فى بلعوم، وحلقوم: إنه فعلوم؛ لأن زيادة الميم آخرا أكثر منها أوّلا؛ ألا ترى إلى تلقّيهم كل واحد من دلقم، ودردم، ودقعم، وفسحم، وزرقم، وستهم، ونحو ذلك بزيادة الميم فى آخره. ولم نر أبا عثمان خالف فى هذا خلافه فى دلامص. وينبغى أن يكون ذلك لأن آخر الكلمة مشابه لأوّلها، فكانت زيادة الميم فيه أمثل من زيادتها حشوا. فأما ازرأمّ، واضفأدّ، ونحو ذلك فلا تكون همزته إلا أصلا، ولا تحملها على باب
(١) زرم وازرأم: انقطع. ضفد واضفأد: كان كثير اللحم ثقيلا فى حمق. زلم وازلأموا: أسرعوا. دلاص ودلامص ودمالص: أى برّاق.
(٢) البيت من الوافر، وهو للقضم بن مسلم البكائى فى لسان العرب (ضرط)، ورصف المبانى ص ٣٠٥.