باب فى تداخل الأصول الثلاثية
  شأمل، وشمأل؛ لقلّة ذلك. وكذلك لام ازلغبّ هى أحرى أن تكون أصلا.
  ومن الأصلين الثلاثيّ والرباعىّ المتداخلين قولهم: قاع قرق، وقرقر، وقرقوس، وقولهم: سلس، وسلسل، وقلق، وقلقل. وذهب أبو إسحاق فى نحو قلقل، وصلصل، وجرجر، وقرقر، إلى أنه فعفل، وأن الكلمة لذلك ثلاثيّة، حتى كأن أبا إسحاق لم يسمع فى هذه اللغة الفاشية المنتشرة بزغد، وزغدب، وسبط، وسبطر، ودمث، ودمثر، وإلى قول العجّاج:
  * ركبت أخشاه إذا ما أحبجا(١) *
  هذا مع قولهم وتر حبجر؛ للقوىّ الممتلئ. نعم، وذهب إلى مذهب شاذّ غريب فى أصل منقاد عجيب؛ ألا ترى إلى كثرته فى نحو زلز، وزلزل، ومن أمثالهم (توقّرى يا زلزة) فهذا قريب من قولهم: قد تزلزلت أقدامهم إذا قلقت فلم تثبت. ومنه قلق، وقلقل، وهوّة، وهوهاءة، وغوغاء، وغوغاء؛ لأنه مصروفا رباعيّ، وغير مصروف ثلاثىّ. ومنه رجل أدرد، وقالوا: عضّ على دردره، ودردوره(٢). ومنه صلّ، وصلصل، وعجّ، وعجعج. ومنه عين ثرّة وثرثارة.
  وقالوا: تكمكم من الكمّة، وحثحثت، وحثّثت، ورقرقت، ورقّقت؛ قال الله تعالى: {فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ}[الشعراء: ٩٤] وهذا باب واسع جدّا، ونظائره كثيرة: فارتكب أبو إسحاق مركبا وعرا، وسحب فيه عددا جمّا، وفى هذا إقدام وتعجرف. ولو قال ذلك فى حرف أو حرفين كما قال الخليل فى دلامص، بزيادة الميم، لكان أسهل؛ لأن هذا شيء إنما احتمل القول به فى كلمة عنده شاذّة، أو عزيرة النظير. فأمّا الاقتحام بباب منقاد، فى مذهب متعاد، ففيه ما قدّمناه؛ ألا ترى أن تكرير الفاء لم يأت به ثبت إلا فى مرمريس، وحكى غير صاحب الكتاب أيضا مرمريت، وليس بالبعيد أن تكون التاء بدلا من السين، كما أبدلت منها فى ستّ، وفيما أنشده أبو زيد من قول الشاعر:
(١) الرجز للعجاج فى ديوانه ٢/ ٤٥، ولسان العرب (حبج)، (خشى)، وتهذيب اللغة ٤/ ١٦٣، ٧/ ٤٦١، وتاج العروس (حبج)، وكتاب العين ٣/ ٨٦.
(٢) الذى فى اللسان والقاموس الدردور موضع فى وسط البحر يجيش ماؤه، لا تكاد تسلم السفينة منه الدردر: منبت الأسنان.