باب فى تداخل الأصول الثلاثية
  يا قاتل الله بنى السعلات ... عمرو بن يربوع شرار النات
  غير أعفّاء ولا أكيات(١)
  فأبدل السين تاء.
  فإن قلت: فإنا نجد للمرمريت أصلا يحتازه إليه وهو المرت(٢)، قيل: هذا هو الذى دعانا إلى أن قلنا: إنه قد يجوز أن تكون التاء فى مرمريت بدلا من سين مرمريس. ولو لا أن معنا مرتا لقلنا فيه: إن التاء بدل من السين البتّة، كما قلنا ذلك فى ستّ، والنات، وأكيات. فإن قال قائل منتصرا لأبى إسحاق: لا ينكر أن يأتى فى المعتلّ من الأمثلة ما لا يأتى فى الصحيح؛ نحو سيد وميت، وقضاة ودعاة، وقيدودة، وصيرورة، وكينونة، وكذلك يجيء فى المضاعف ما لا يأتى فى غيره من تكرير الفاء. بل إذا كانوا قد كرّروها فى مرمريت، ومرمريس، ولم نر فى الصحيح فيعلا ولا فعلة فى جمع فاعل، ولا فيعلولا مصدرا كان ما ذهب إليه أبو إسحاق من تكرير الفاء فى المضاعف أولى بالجواز، وأجدر بالتقبّل، فهو قول، غير أن الأول أقوى؛ ألا ترى أن المضاعف (لا ينتهى) فى الاعتلال إلى غاية الياء والواو، وأن ما أعلّ منه فى نحو ظلت، ومست، و (ظنت فى ظننت)، وتقصّيت، وتقضّيت، وتفضّيت من الفضّة، وتسرّيت من السّرّيّة، ليس شيء من إعلال ذلك ونحوه بواجب، بل جميعه لو شئت لصحّحته، وليس كذلك حديث الياء والواو والألف فى الاعتلال، بل ذلك فيها فى عامّ أحوالها التى اعتلّت فيها أمر واجب أو مستحسن فى حكم الواجب، أعنى باب حارىّ، وطائى وياجل، وياءس، وآية فى قول سيبويه. فإن قلت فقد قرأ الأعمش بعذاب بيئس، فإنما ذاك لأن الهمزة وإن لم تكن حرف علّة فإنها معرّضة للعلّة، وكثيرة الانقلاب عن
(١) الرجز لعلباء بن أرقم فى لسان العرب (نوت)، (سين)، (تا)، ونوادر أبى زيد ص ١٠٤، وتاج العروس (كيت)، (نوت)، (عسل)، وبلا نسبة فى لسان العرب (أنس)، (مرس)، والإنصاف ١/ ١١٩، وجمهرة اللغة ص ٨٤٢، والحيوان ١/ ١٨٧، ٦/ ١٦١، وسر صناعة الإعراب ١/ ١٥٥، وسمط اللآلى ص ٧٠٣، وشرح شافية ابن الحاجب ٣/ ٢٢١، وشرح المفصل ١٠/ ٣٦، ٤١، والصاحبى فى فقه اللغة ص ١٠٩، والممتع فى التصريف ١/ ٣٨٩، ونوادر أبى زيد ص ١٤٧، والمخصص ٣/ ٢٦، ١٣/ ٢٨٣، وتاج العروس (سين).
(٢) المرت: هو المكان لا نبت فيه.