الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى تلاقى المعانى، على اختلاف الأصول والمبانى

صفحة 487 - الجزء 1

  ومنه الصدى لما يعارض الصوت. ومنه قراءة الحسن ¥ (صاد والقرآن) وكان يفسّره: عارض القرآن بعملك، أى قابل كلّ واحد منهما بصاحبه - [قال العجلىّ:

  * يأتى لها من أيمن وأشمل⁣(⁣١) *

  ] وكذلك سرسور مال، أى عارف بأسرار المال، فلا يخفى عنه شيء من أمره.

  ولست أقول كما يقول الكوفيّون - وأبو بكر معهم -: إن سرسورا من لفظ السرّ، لكنه قريب من لفظه ومعناه، بمنزلة عين ثرّة وثرثارة. وقد تقدّم ذكر ذلك.

  وكذلك سوبان مال؛ هو (فعلان) من السّأب، وهو الزقّ للشراب؛ قال الشاعر:

  إذا ذقت فاها قلت علق مدمّس ... أريد به قيل فغودر فى ساب⁣(⁣٢)

  والتقاؤهما أن الزقّ إنما وضع لحفظ ما فيه، فكذلك هذا الراعى يحفظ المال ويحتاط عليه احتياط الزقّ على ما فيه.

  وكذلك محجن مال، هو (مفعل) من احتجنت الشئ إذا حفظته وادّخرته.

  وكذلك إزاء مال، هو (فعال) من أزى الشئ يأزى إذا تقبّض واجتمع؛ قال:

  * ظلّ لها يوم من الشّعرى أزى⁣(⁣٣) *

  أى يغمّ الأنفاس ويضيّقها لشدة الحرّ. وكذلك هذا الراعى يشحّ عليها ويمنع


(١) زيادة فى ش، ب خلت منها أ. وفى ج: «قال العجلى يصف الراعى: يأتى بها من أيمن وأشمل». والعجلى هو أبو النجم. وهذا فى أرجوزته الطويلة التى أولها:

* الحمد لله الوهوب المجزل*

(نجار).

(٢) البيت من الطويل، وهو بلا نسبة فى لسان العرب (سأب)، (دمس)، (علق)، ومقاييس اللغة ٤/ ١٢٨، ومجمل اللغة ٣/ ٤٠٥، وكتاب العين ٧/ ٢٣٤، والمخصص ١١/ ٨١، وتهذيب اللغة ١٢/ ٣٧٩، ١٣/ ١٠٤، وجمهرة اللغة ص ٦٤٨، وتاج العروس (سأب)، (دمس).

(٣) قائله من باهلة. وعجزه:

* نعوذ منه بزرانيق الركى*

وزرانيق الركى: أبنية تبنى على جوانب الآبار، وعلى البئر زرنوقان يعلق عليهما البكرة. وانظر اللسان (أزى)، ومجالس ثعلب ٦١٤. (نجار).