الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى مشابهة معانى الإعراب معانى الشعر

صفحة 523 - الجزء 1

  وهو كثير جدّا.

  ولسنا نريد هاهنا الجوار الصناعىّ؛ نحو قولهم فى الوقف: هذا بكر، ومررت ببكر، وقولهم: صيّم وقيّم⁣(⁣١)، وقول جرير:

  * لحبّ المؤقدان إلىّ مؤسى⁣(⁣٢) *

  وقولهم: هذا مصباح، ومقلات، ومطعان، وقوله:

  إذا اجتمعوا علىّ وأشقذونى ... فصرت كأننى فرأ متار⁣(⁣٣)

  وما جرى مجرى ذلك. وإنما اعتزامنا هنا الجوار المعنوىّ لا اللفظىّ الصناعىّ.

  ومن ذلك قول سيبويه فى نحو قولهم: هذا الحسن الوجه: إن الجرّ فيه من وجهين، أحدهما طريق الإضافة، والآخر تشبيهه بالضارب الرجل، هذا مع العلم بأن الجرّ فى الضارب الرجل إنما جاءه وجاز فيه لتشبيههم إياه بالحسن الوجه، فعاد


(١) صيّم: القياس صوّم، ولكن العين لمجاورتها اللام اكتسبت الإعلال؛ فإن الواو إذا وقعت لاما تقلب ياء فى الجمع؛ نحو جثىّ وعصىّ.

(٢) صدر بيت من الوافر، وهو لجرير فى ديوانه ص ٢٨٨، والأشباه والنظائر ٢/ ١٢، ٨/ ٧٤، وشرح شواهد الشافية ص ٤٢٩، وشرح شواهد المغنى ٢/ ٩٦٢، والمحتسب ١/ ٤٧، وبلا نسبة فى سر صناعة الإعراب ١/ ٧٩، وشرح شافية ابن الحاجب ص ٢٠٦، ومغنى اللبيب ٢/ ٦٨٤، والمقرب ٢/ ١٦٣، والممتع فى التصريف ١/ ٩١، ٣٤٢، ٢/ ٥٦٥. وعجزه:

* وجعدة إذ إضاءهما الوقود*

«الموقدان» و «موسى»: أثر الجوار فى البيت إبدال الواو همزة لمجاورتها للضمة قبلها، فكأنها مضمومة، والهمز يجوز فى الواو المضمومة؛ نحو أجوه فى وجوه - انظر المغنى، فى القاعدة الثانية من الباب الثامن.

(٣) البيت من الوافر، وهو لعامر بن كثير المحاربى فى التنبيه والإيضاح ٢/ ٦٩، ولسان العرب (شقذ)، وبلا نسبة فى لسان العرب (تأر)، (تور)، وجمهرة اللغة ص ١٠٣١، ١٠٦٧، ١١٠٦، ومقاييس اللغة ٣/ ٢٠٣، وتهذيب اللغة ٨/ ٣١٢، ١٤/ ٣٠٩، والمخصص ١/ ١١٦، ١٥/ ١٤٤، وديوان الأدب ٢/ ٢٩٤، ومجمل اللغة ٣/ ٣٣٩، وسر صناعة الإعراب ١/ ٧٨.

ويروى:

* إذا غضبوا بدلا من إذا اجتمعوا*

أشقذونى: طردونى. والفرأ: حمار الوحش. ومتار: أصله متأر، اسم مفعول من أتأره: أفزعه وطرده؛ فنقلت حركة الهمزة إلى الساكن قبلها، وكان الواجب بعد هذا حذف الهمزة فيقال: متر، ولكنه قدّر فى الكلمة همزة ساكنة، وأبدلها ألفا للجوار. انظر اللسان (شقذ)، (تأر).