باب فى التطوع بما لا يلزم
  جواب لا تطوّع فيه. فإن قال: أحدهما فهو أيضا جواب لا تطوّع فيه. فإن قال: الحسن أو قال: ابن الحنفية ناصّا على أحدهما معيّنا فهو جواب متطوّع فيه على ما بينّا فيما قبل.
  ومن التطوّع المشامّ للتوكيد قول الله سبحانه: {إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ}[النحل: ٥١]، {وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى}[النجم: ٢٠]، وقوله تعالى: {فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ}[الحاقة: ١٣]، وقولهم: مضى أمس الدابر، وأمس المدبر. وهو كثير. وأنشد الأصمعىّ:
  وأبى الذى ترك الملوك وجمعهم ... بصهاب هامدة كأمس الدابر(١)
  وقال:
  خبلت غزالة قلبه بفوارس ... تركت منازله كأمس الدابر(٢)
  ومن ذلك أيضا الحال المؤكّدة؛ كقوله:
  *كفى بالنأى من أسماء كاف(٣) *
  لأنه إذا كفى فهو كاف لا محالة.
  ومنه قولهم: أخذته بدرهم فصاعدا، هذه أيضا حال مؤكّدة؛ ألا ترى أن
(١) البيت من الكامل، وهو بلا نسبة فى لسان العرب (صهب)، (دبر)، (أمس)، وجمهرة اللغة ص ٢٩٦، والمخصص ١٤/ ٣٤، وتاج العروس (صهب)، (دبر)، وأساس البلاغة (دبر).
(٢) البيت من الكامل، وهو لعمران بن حطان فى الأغانى ١٨/ ١٢٢، ولرجل من الخوارج فى جمهرة اللغة ص ٩٣٣. ويروى: غشيت غزالة خيله بدلا من: خبلت غزالة قلبه، وفوارسه بدلا من منازله. غزالة: امرأة من الخوارج كانت تحارب الحجاج.
(٣) صدر البيت من الوافر، وهو لبشر بن أبى خازم فى ديوانه ص ١٤٢، وخزانة الأدب ٤/ ٤٣٩، ١٠/ ٤٧٧، ٤٨٢، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ٢٩٤، ولأبى حيّة النميرى فى لسان العرب (قفا)، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٨/ ٤٨، ١١٢، وتخليص الشواهد ص ٢٩٩، وخزانة الأدب ٣/ ٤٤٣، ٦/ ٣٩٧، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى فى فقه اللغة ص ٣٥، والمقتضب ٤/ ٢٢، والمنصف ٢/ ١١٥. وعجز البيت:
*وليس لحبّها ما عشت شافى*
ويروى: إذ طال شاف بدلا من ما عشت شافى.