الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى تسمية الفعل

صفحة 277 - الجزء 2

  هلمّ. وقال الفرّاء: أصلها (هل) زجر وحثّ، دخلت على أمّ؛ كأنها كانت (هل أمّ) أى اعجل واقصد، وأنكر أبو علىّ عليه ذلك، وقال: لا مدخل هنا للاستفهام، وهذا عندى لا يلزم الفرّاء؛ لأنه لم يدع أنّ (هل) هنا حرف استفهام؛ وإنما هى عنده زجر (وحثّ) وهى التى فى قوله:

  * ولقد يسمع قولى حيّهل⁣(⁣١) *

  قال الفرّاء: فألزمت الهمزة فى (أمّ) التخفيف، فقيل: هلمّ.

  وأهل الحجاز يدعونها فى كلّ حال على لفظ واحد، فيقولون للواحد والواحدة والاثنين والاثنتين والجماعتين: هلمّ يا رجل، وهلمّ يا امرأة، وهلمّ يا رجلان، وهلمّ يا امرأتان، وهلمّ يا رجال، وهلمّ يا نساء. وعليه قوله:

  * يا أيّها الناس ألا هلمّه⁣(⁣٢) *

  وأمّا التميميون فيجرونها مجرى (لم) فيغيّرونها بقدر المخاطب. فيقولون: هلمّ، وهلمّا، وهلمّى، وهلمّوا، وهلممن يا نسوة. وأعلى اللغتين الحجازيّة، وبها نزل القرآن، ألا ترى إلى قوله - عزّ اسمه -: {وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا}⁣[الأحزاب: ١٨]. وأما التميميون فإنها عندهم أيضا اسم سمّى به الفعل، وليست مبقّاة على ما كانت عليه قبل التركيب والضمّ. يدلّ على ذلك أن بنى تميم يختلفون فى آخر الأمر من المضاعف، فمنهم من يتبع فيقول: مدّ وفرّ وعضّ، ومنهم من يكسر، فيقول: مدّ وفرّ وعضّ، ومنهم من يفتح لالتقاء الساكنين، فيقول: مدّ وفرّ وعضّ. ثم رأيناهم كلّهم مع هذا مجتمعين على فتح آخر هلمّ، وليس أحد يكسر الميم ولا يضمّها. فدلّ ذلك على أنها قد خلجت عن طريق الفعلية وأخلصت اسما للفعل، بمنزلة دونك وعندك ورويدك وتيدك⁣(⁣٣): اسم


(١) عجز البيت من الرمل، وهو للبيد بن ربيعة فى ديوانه ص ١٨٣، والأزمنة والأمكنة ٢/ ١٥٣، وخزانة الأدب ٦/ ٢٥٨، ٢٥٩، ٢٦٠، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ١٨٢١، وشرح المفصل ٤/ ٤٥، ولسان العرب (هلل)، وتاج العروس (هلل). وصدره:

* يتمارى فى الذى قلت له*

(٢) الرجز بلا نسبة فى الأزهية ص ٢٥٧، وخزانة الأدب ٤/ ٢٦٧، وشرح المفصل ٤/ ٤٢، والكتاب ٤/ ١٦١.

(٣) التيد: الرفق.