باب فى الاحتياط
  وقالوا فى قول امرئ القيس:
  نطعنهم سلكى ومخلوجة ... كرّ كلامين على نابل(١)
  قولين: أحدهما ما نحن عليه، أى تثنية كلامين على ذى النبل إذا قيل له: ارم ارم، والآخر: كرّك لامين، وهما السهمان، أى كما تردّ السهمين على البراء للسهام إذا أخذتهما لتنظر إليهما، ثم رميتهما إليه فوقعا مختلفين: هكذا أحدهما، وهكذا الآخر. وهذا الباب كثير جدّا. وهو فى الجمل والآحاد جميعا.
  والثانى تكرير الأوّل بمعناه. وهو على ضربين: أحدهما للإحاطة والعموم، والآخر للتثبيت والتمكين.
  الأوّل كقولنا: قام القوم كلّهم، ورأيتهم أجمعين - ويتبع ذلك من اكتع وأبضع وأبتع وأكتعين وأبضعين وأبتعين(٢) ما هو معروف - (ومررت بهما كليهما).
  والثانى نحو قولك: قام زيد نفسه، ورأيته نفسه.
  ومن ذلك الاحتياط فى التأنيث، كقولهم: فرسة، وعجوزة. ومنه ناقة؛ لأنهم لو اكتفوا بخلاف مذكّرها لها - وهو جمل - لغنوا بذلك.
  ومنه الاحتياط فى إشباع معنى الصفة؛ كقوله:
  * والدهر بالإنسان دوّارىّ(٣) *
(١) البيت من السريع، وهو لامرئ القيس فى ديوانه ص ٢٥٧، ولسان العرب (خلج)، (سلك)، (بنل)، (لأم)، وتهذيب اللغة ٧/ ٥٧، ١٠/ ٦٢، ١٥/ ٣٦١، ٤٠٠، وجمهرة اللغة ص ٤٠٦، ومقاييس اللغة ٢/ ٢٠٦، ٥/ ٢٢٧، وتاج العروس (خلج)، (سلك) (لأم)، وديوان الأدب ٢/ ٦، وكتاب الجيم ٣/ ٢١٩، وكتاب العين ٤/ ١٦٠، ٥/ ٣١١، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ٤٤٤، والمخصص ٦/ ٥٧، ١٥/ ١٩٢. ويروى (الفتك لأمين) مكان (كرّ كلامين). فى اللسان (سلك) كرّ كلامين؛ وصفه بسرعة الطعن. والسّلكى: الطعنة المستقيمة تلقاء وجهه، والمخلوجة التى فى جانب.
(٢) وقال البشتيّ: مررت بالقوم أجمعين أبضعين، بالضاد، قال الأزهرى: وهذا تصحيف واضح، قال أبو الهيثم الرازى: العرب تؤكد الكلمة بأربعة تواكيد فتقول: مررت بالقوم أجمعين أكتعين أبصعين أبتعين، بالصاد، وكذلك روى عن ابن الأعرابى. اللسان (بضع).
(٣) الرجز للعجاج فى ديوانه ١/ ٤٨٠، ولسان العرب (دور)، (قسر)، (قعسر)، (قنسر)، وجمهرة =