الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى الامتناع من نقض الغرض

صفحة 444 - الجزء 2

  من بين الناس حرّ، وزيد من جملة رهطه كريم.

  ومن ذلك امتناعهم من إلحاق علم التأنيث لما فيه علمه، حتى دعاهم ذلك إلى أن قالوا: مسلمات، ولم يقولوا: مسلمتات؛ لئلا يلحقوا (علامة تأنيث مثلها).

  وذلك أن إلحاق علامة التأنيث إنما هو ليخرج المذكّر قبله إليه وينقله إلى حكمه، فهذا أمر يجب عنه وله أن يكون ما نقل إلى التأنيث قبل نقله إليه مذكّرا؛ كقائم من قائمة، وظريف من ظريفة. فلو ذهبت تلحق العلامة العلامة لنقضت الغرض. وذلك أن التاء فى قائمة قد أفادت تأنيثه، وحصّلت له حكمه، فلو ذهبت تلحقها علامة أخرى فتقول: قائمتات لنقضت ما أثبت من التأنيث الأوّل، بما تجشمته من إلحاق علم التأنيث الثانى له؛ لأن فى ذلك إيذانا بأن الأوّل به لم يكن مؤنّثا، وكنت أعطيت اليد بصحّة تأنيثه لحصول ما حصل فيه من علمه، وهذا هو النقض والبداء البتّة. ولذلك أيضا لم يثنّ الاسم المثنّى؛ لأن ما حصل فيه من علم التثنية مؤذن بكونه اثنين، وما يحلقه من علم التثنية ثانيا يؤذن بكونه فى الحال الأولى مفردا؛ وهذا هو الانتقاض والانتكاث لا غير.

  فإن قلت: فقد يجمع الجمع؛ نحو أكلب وأكالب (وأسقية وأساق) فكيف القول فى ذلك؟

  قيل له: فرق بينهما أنّ علمى التأنيث فى (مسلمات لو قيل مسلمتات) لكانا لمعنى واحد وهو التأنيث فيهما جميعا، وليس كذلك معنيا التكسير فى أكلب وأكالب. وذلك أن معنى أكلب أنها دون العشرة، ومعنى أكالب أنها للكثرة التى أوّل رتبتها فوق العشرة. فهذان معنيان - كما تراهما - اثنان، فلم ينكر اجتماع لفظيهما؛ لاختلاف معنييهما.

  فإن قلت: فهلا أجازوا - على هذا - مسلمتات، فكانت التاء الأولى لتأنيث الواحد، والتاء الثانية لتأنيث الجماعة؟

  قيل: كيف تصرّفت الحال فلم تفد واحدة من التاءين شيئا غير التأنيث البتّة.

  فأما عدّة المؤنّث فى إفراده وجمعه فلم يفده العلمان فيجوز اجتماعهما؛ كما جاز تكسير التكسير فى نحو أكلب وأكالب.

  فإن قلت: فقد يجمع أيضا جمع الكثرة؛ نحو بيوت وبيوتات، وحمر