تبصرة المتقين بتناقض المحدثين:
  وقد تكلم فيه من تكلم على الشيعة، وذكره العقيلي في الضعفاء فلما رأى الذهبي أن البخاري قد ملأ صحيحه بحديثه دافع عنه وقال منتقداً العقيلي: (بئس ما صنع - أي العقيلي - ولو تُرِكَ حديث علي، وصاحبه محمد، وشيخه عبد الرزاق، وعثمان بن أبي شيبة، وإبراهيم بن سعد، وعفان، وأبان العطار، وإسرائيل، وأزهر السمان، وبهز بن أسد، وثابت البناني، وجرير بن عبدالحميد، لغلقنا الباب، وانقطع الخطاب، ولماتت الآثار، واستولت الزنادقة، ولخرج الدجال، فما لك عقل يا عقيلي إلى أن قال: وأما علي بن المديني فإليه المنتهى في معرفة علل الحديث مع كمال المعرفة بنقد الرجال وسعة الحفظ، والتبحر في هذا الشأن، بل لعله فرد زمانه في معناه)(١).
  المثال الثالث: عبد الرزاق بن همام الصنعاني، المحدث الحافظ الكبير الشيعي، ذكر رجل معاوية في مجلسه فقال: (لا تُقذر مجلسنا بذكر ولد أبي سفيان)(٢) عاب عليه المحدثون قوله هذا! كما عِيبَ عليه روايته لفضائل الإمام علي #، ومثالب غيره.
  وأي رواية من هذا القبيل تعد من المناكير في نظرهم، ولكن لم تطبق هذه القاعدة على الحافظ عبد الرزاق، بل قال أبو صالح: محمد بن إسماعيل الضراري: (بلغنا ونحن بصنعاء عند عبد الرزاق أن أصحابنا يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل وغيرهما تركوا حديث عبدالرزاق، وكرهوه فدخَلَنا من ذلك غم شديد، وقلنا: قد أنفقنا ورحلنا وتعبنا فلم أزل في غم من ذلك إلى
(١) الميزان: ٢٣١/ ٢.
(٢) الميزان: ١٢٧/ ٢.