الأساس لعقائد الأكياس ط أهل البيت،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

فصل

صفحة 106 - الجزء 1

  قالوا: قال الله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}⁣[العنكبوت: ٤٥] فدل على أنها ألطاف في العقليات.

  قلنا: بل هي سبب التنوير الذي أراده تعالى بقوله: {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا}⁣[الأنفال: ٢٩] أي تنويراً تفرقون به بين الحق والباطل، فهي كالناهي لَمَّا كانت سبباً لحصول التنوير الزاجر عن ارتكاب القبائح، وذلك لم يخرجها عن كونها شكراً لله تعالى.

  قالوا: وردت الشرائع على كيفيات مخصوصة، ولا يقتضي ذلك نعمةُ السيد على عبده.

  قلنا: بل تقتضي الامتثال بفعلها ومطابقة مراده بتأديتها ولذلك وجبت، فلو كانت لطفاً لم تجب؛ لأن الحكيم لا يوجب ما لا يجب.

  قالوا: قد ثبت أنه لا يجوز العقاب ابتداء على الإخلال بها اللازم من شرعيتها.

  قلنا: إنما لم يجز؛ حيث لم يكن مأموراً بفعلها، فلم يُخلّ بالامتثال كما أن العبد إذا أخل بما لم يأمره به سيده لم يكن مخلا بالامتثال.

  وأيضاً وردت الرسل À مع مقارنة التخويف، فلو كانت ألطافاً كذلك لقَبُح التخويف؛ لأن الألطاف ليست بواجبة، إذ التخويف لا يكون إلا على واجب.

  قالوا: إنما اقترنت بالتخويف؛ لتجويز الجهل ببعض المصالح.

  قلنا: لم تخبر به⁣(⁣١) الرسل، وإن سُلِّم لزم القول بوجوب العلم على كل مكلف أنه لا بد من رسول كقولنا؛ لينبئ عن الله تعالى بذلك المجهول إذا كان واجباً؛ إذ لم يعرف إلا بإخبار الرسل، والحكيم لا يترك ما شأنه كذلك هملاً وإلا لَقَبُح: حيث لم يكن واجباً كما مر.

  ولا خلاف في حسنها بين الأمة.


(١) أي الذي جوز جهله.