الأساس لعقائد الأكياس ط أهل البيت،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

فصل

صفحة 156 - الجزء 1

  الخوارج والإسفرائيني وموافقوهم: بل كبائر فقط

  لنا: قوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}⁣[النساء: ٣١].

  الناصرية وظاهر كلام الهادي # في كتاب (المنزلة بين المنزلتين) حيث قال: (وأصحاب الكبائر المنتهكون للمحارم) ولم يفصل، وصريح قول المرتضى # في الجزء الثاني من كتاب (الإيضاح) وقول القاسم بن علي العياني # في الجزء الثاني من كتاب (التنبيه والدلائل)، وبعض البغدادية: كل عمد كبيرة.

  بعض الزيدية، وبعض البغدادية والطوسي: بل بعض العمد ليس بكبيرة.

  لنا: قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا}⁣[الجن: ٢٣]، ولم يفصل، وقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ


= آخذ يونس بالخطأ، واعترف موسى بالمعصية وهي خطأ، وكذا آدم À وتابوا من الخطأ وسموه ظلماً فدل على أنه يصح المؤاخذة على الخطأ. وقال الله تعالى في يونس: {فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ ١٤٣ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ١٤٤}⁣[الصافات]، بعدما قال: {فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ}⁣[الأنبياء: ٨٧]، أي لا نؤاخذه، وهذا عين الخطأ، وقال في آدم: {وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}⁣[الأعراف: ٢٣]، فجزم بالخسران، وهي - أي المعصية - خطأ. وقال في داود: {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ}⁣[ص: ٢٤]، وفي سليمان: {وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنَابَ}⁣[ص: ٣٤]. والإنابة هي التوبة كما قال تعالى: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ}⁣[الزمر: ٥٤]. وقال في نوح: {إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ}⁣[هود: ٤٧]، فحكم بالخسران وهو خطأ، ولم ينكر الله ما حكموا به على أنفسهم. فإن قيل: إن الأنبياء À عوتبوا على فعل الصغاير، فحكموا على أنفسهم بالخسران إن لم يغفر لهم، مع أنهم لم يواقعوا الكبائر، وقد قال الله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا ...} إلخ. فالجواب والله الموفق: أنهم إذا عوتبوا وأُوخذوا والحال أنهم لم يواقعوا الكبائر، فبالأولى أن يؤاخذ مَن واقعها والمسألة هي الحكم بمؤاخذة من واقع الصغيرة إن لم يجتنب الكبيرة. فإن قيل: فَلِمَ أوخذ الأنبياء À مع عدم مواقعة الكبائر؟ قيل له: إنهم لم يدخلوا في الخطاب بقوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا ...} إلخ، وشرائعهم تختلف، ألا ترى أن توبة قوم موسى عليه الصلاة والسلام غير توبة أمة نبيئنا ~ وعلى آله وسلامه: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً}، وحاصل المسألة أنه يجوز المؤاخذة على الصغيرة ولم يمنع من ذلك مانع عقلي ولا شرعي بل قد دلت عليه آية: {إِنْ تَجْتَنِبُوا ...} نفسها.