فصل [في التحسين والتقبيح العقليين]
  أئمتنا $ وصفوة الشيعة، والمعتزلة وغيرهم: وباعتبار كونه متعلَّقاً للمدح عاجلاً والثواب آجلاً، والذم عاجلاً والعقاب آجلاً.
  جمهور الأشعرية: لا مجال للعقل في الأخيرين، ووافقهم أقلهم والحنفية والحنابلة في آخرهما.
  أئمتنا $ والمعتزلة وغيرهم: وباعتبار كونه غير متعلق لأي الأربعة فهو من الحسن، خلافاً للأشعرية.
  لنا في جميع ذلك: تصويب العقلاء من مدح أو أحسن إلى المحسن ولو تراخى، ومن ذم أو عاقب المسيء ولو تراخى.
  ولنا: عدم حكمهم بأيها في حق من استظل تحت شجرة لا مالك لها، أو تناول شربة من ماء غير مُحَازٍ.
  قالوا: لو سُلِّم على التنزّل لم يُسلَّم في مسألتين:
  الأولى: وجوب شكر المنعم؛ لأن النعم عند الله حقيرة لسعة ملكه، فيكون كمن تصدق عليه الملك بلقمة فإذا تحدث المنْعَم بالشكر لأجلها عد ساخراً لا شاكراً.
  الثانية: حكم الأشياء قبل ورود الشرع، فلا يُدرِك العقل فيها جهة حسن ولا قبح، إذ هو تصرف في ملك الغير بغير إذنه.
  والجواب عن الأولى: أن اللقمة حقيرة عندهما والسامع فيكون ساخراً، بخلاف نعم الله سبحانه وتعالى فإنها وإن كانت حقيرة عند الله سبحانه وتعالى لسعة ملكه فهي جليلة عند الشاكر والسامع، فالمتحدث بالشكر عليها لا يعد ساخراً، كمن أعطاه ملك قد ملك الأرض وجبالاً من الذهب بدرة عين(١)؛ فإن
= ٣٣٠ هـ. تمت من حواشي الإصباح على المصباح.
(١) البدرة: جلدة السخلة، جمعها: بدور وبدر: كيس فيه ألف أو عشرة آلاف درهم أو سبعة آلاف دينار. تمت قاموس.