فصل [والعالم محدث]
كتاب التوحيد
  التوحيد هو لغة: الإفراد.
  واصطلاحاً: قال الوصي #: (التوحيد أن لا تتوهمه).
فصل [والعالَم محدثٌ]
  والعالم محدَث(١)، خلافاً لبعض أهل الملل الكفرية.
  لنا: قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}[البقرة: ١٦٤].
  بيان الاستدلال بها: أما السماوات والأرض فإنا نظرنا في خلقهما فوجدناهما لم ينفكا عن إمكان الزيادة والنقصان والتحويل والتبديل والجمع بينهما، وتفريق كل منهما، فهما مع ذلك الإمكان إما قديمتان أو محدثتان.
  ليس الأول؛ لأنا قد علمنا ضرورة أنهما لا يُعقَلان منفكَّين عنه، وكلُّ ذي حالة لا يُعقل منفكاً عن حالته يستحيل ثبوته منفكاً عنها؛ كالعمارة فإنها يستحيل وجودها منفكة عن إمكانها، وكالمستحيل فإنه يستحيل تخلفه عن عدم إمكانه.
  فلو كانتا قديمتين لكانتا قد تخلفتا عن ذلك الإمكان؛ لأن الإمكان لا يكون إلا مع التمكن، والتمكن لا يكون إلا بعد صحة الفعل، وصحة الفعل لا تكون إلا بعد وجود الفاعل، وما كان بعد وجود غيره فلا شك في حدوثه، ولزم حدوث ما توقف عليه من جميع ذلك.
  ولزم تخلفهما عنه لو كانتا قديمتين، وهو محال، لما بينا، فثبت الثاني وهو: حدوثهما.
  - وأيضاً: هما مختلفتان، فاختلافهما لا يخلو إما أن يكون للعدم، أو لعلة فرضاً، أو لفاعل.
(١) المحدث هو: ما سبق وجوده العدم أو سبق وجوده وجود غيره.