تمهيد [في الحقيقة والمجاز]
  فقال أئمتنا $ والجمهور: وهي واقعة بالنقل عن معانيها اللغوية إلى معان مخترعة شرعية كالصلاة.
  قلت - وبالله التوفيق -: وتصح بغير نقل كرحمن على ما سيأتي إن شاء الله تعالى.
  الباقلاني(١) وبعض المرجئة: لم تقع.
  قلنا: الصلاة لغة الدعاء، وقد صارت للعبادة المخصوصة.
  قالوا: إنما صارت كذلك بعرف أهل الشرع لا بنقل الشارع؛ لأنه إنما أطلق ذلك عليها مجازاً فقط، فهي حينئذ عرفية خاصة لا شرعية.
  قلنا: أطلقه عليها وخصها به، ولم يعهد لها اسم قبله خاص، وذلك حقيقة وضع الحقائق لا التجوز، وإلا لكان كلما وضع من الأسماء لمعنى عند ابتداء الوضع مجازاً ولا قائل به.
  ومن جزئياتها: الدينية، وهي ما نقله الشارع إلى أصول الدين نحو: مؤمن.
  الشيرازي(٢)، وابن الحاجب(٣): لم تقع.
  قلنا: المؤمن لغة: هو المصدِّق، وقد صار اسماً لمن أتى بالواجبات، واجتنب المقبحات بدليل قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ٢ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ٣ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا}[الأنفال].
  قالا: قال الله تعالى: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا}[التغابن: ٩]، وحق العطف المغايرة.
  قلنا: هو في هذه الآية حقيقة لغوية، واستعمال الناقل القولُ المنقولُ في معناه
(١) أبو بكر الباقلاني: هو محمد بن الطيب، أشعري، ولد في البصرة وتوفي ببغداد عام ٤٠٣ هـ. تمت من حواشي الإصباح على المصباح.
(٢) هو أبو إسحاق إبراهيم بن علي الفيروز أبادي من متكلمي الأشعرية، توفي سنة ٤٧٦ هـ. وفيات الأعيان.
(٣) ابن الحاجب: هو عثمان بن أبي بكر بن يونس أبو عمرو، جمال الدين، ابن الحاجب، فقيه مالكي، ولد في أسنا (من صعيد مصر) عام ٥٧٠ هـ. تمت من حواشي الإصباح على المصباح.