فصل [في حكم أفعال العباد]
  النجارية(١) والكلابية والأشعرية والضرارية، وحفص الفرد: بل الله يخلقه كذلك، وللعبد منه كسب.
  قلنا: حصوله منا بحسب دواعينا وإرادتنا معلومٌ ضرورة، عكس نحو الطول والقصر، وقوله تعالى {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ}[فصلت: ٤٠] ونحوها. ويلزم أن تجعلوا الله تبارك وتعالى علوّاً كبيراً كافراً لفعله الكفر، كاذباً لفعله الكذب، ونحو ذلك، والكافر والكاذب أبرياء من ذلك - لعنوا بما قالوا - ويلزم من إفكهم ذلك بطلان الأوامر والنواهي وإرسال الرسل؛ لأنه لا فعل للمأمور، والكل كفر.
  قالوا: قال الله تعالى {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ٩٦}[الصافات].
  قلنا: معناه خلقكم والحجارة التي تعملونها أصناماً لكم، بدليل أول الكلام، وهو قوله تعالى: {أًتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ}[الصافات: ٩٥].
  الجاحظ(٢): لا فعل للعبد إلا الإرادة، وما عداها متولد بطبع المحل.
  النظام(٣): ما خرج عن محل القدرة ففعل الله تعالى جعله طبعاً للمحل.
  ثمامة: ما ذكره النظام حدث لا محدث له.
  قلنا: لو كان كذلك ما جاز القصاص رأساً، ولا العقاب إلا على مجرد الفعل الذي هو الإرادة، أو المبتدأ فقط، وإن سلم لزم استواء عقاب من قتل زيداً وعقاب من أراد قتل عمرو، وحينئذٍ يجب الاقتصاص منهما، وكذلك من قتل
(١) النجارية: بناحية الري منسوبون إلى الحسين بن محمد النجار.
(٢) الجاحظ: عمرو بن بحر بن محبوب الكناني بالولاء الليثي، أبو عثمان الشهير بالجاحظ، من أئمة الأدب العربي ورئيس الفرقة الجاحظية من المعتزلة من أهل البصرة، لم يترك موضوعاً إلا وكتب فيه، تقرب من الخلفاء والوزراء إلى أن ولي المتوكل العباسي وتنكر للمعتزلة فتوارى الجاحظ وعاد إلى البصرة ولازم منزله الذي أصبح مثوى الأدب ومحط رحاله، وفلج من آخر عمره، ومات والكتاب على صدره، قتلته مجلدات وقعت عليه كتبه كثيرة وشهيرة وموجودة بأرقى الطبعات. تمت من حواشي الإصباح على المصباح.
(٣) تقدمت ترجمته.