الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر مقتله ومبلغ عمره وموضع قبره #:

صفحة 93 - الجزء 1

  أنفسنا وأتينا أئمة الضلالة فالتمسنا قتلهم وأرحنا منهم البلاد، فقال ابن ملجم: أنا أكفيكم علي بن أبي طالب، وقال البرك: أنا أكفيكم معاوية، وقال عمرو بن بكر: أنا أكفيكم عمرو بن العاص، فتعاهدوا على ذلك، واتعدوا ليلة تسع عشرة من رمضان، وهي الليلة التي ضرب ابن ملجم فيها عليّا #. فأقبل كل واحد منهم إلى المصر الذي فيه صاحبه⁣(⁣١).

  فأما ابن ملجم فلقي أصحابه بالكوفة فكاتمهم أمره حتى إذا أتى ذات يوم أصحابا له من تيم الرباب، وقد كان علي # قتل منهم عدّة يوم النهر، فلقي من يومه ذلك امرأة يقال لها: قطام، وكان علي # قد قتل أباها وأخاها يوم النهر، وكانت جميلة، فلما رآها التبست بقلبه فخطبها، فقالت: لا أتزوجك حتى تشتفي لي. قال: وما تشائين؟ قالت: ثلاثة آلاف، وعبد، وقينة، وقتل علي بن أبي طالب، فقال: والله ما جاء بي إلا قتل علي بن أبي طالب، قالت: فإني أطلب لك من يساعدك، وبعثت إلى رجل يقال له: وردان فكلمته فأجابها. وأتى ابن ملجم شبيب بن بحره ويقال: شبث، وقال: هل لك في قتل علي؟

  فقال: ثكلتك أمك! كيف تقدر عليه؟ قال: أكمن له في المسجد فإذا خرج لصلاة الغداة شددنا عليه، قال: ويحك! لو كان غير علي كان أهون، قال: أما تعلم بأنه قتل أهل النهر العبّاد المصلين، قال: بلى، قال نقتله بمن قتل من إخواننا، فأجابه، فجاءوا حتى دخلوا على قطام، وقال: هذه الليلة التي وأعدت فيها صاحبيّ أن يقتل كل واحد منا صاحبه⁣(⁣٢).

  وروي أنها أعدّت له سيفا، فلما دفعته إليه قالت: اقتل عليّا وارجع قرير العين مسرورا، فقال: لا بل أرجع سخين العين مثبورا، ثم إنهم أخذوا أسيافهم وجلسوا مقابل السدة التي يخرج منها علي #، فخرج ~ لصلاة


(١) الطبري ٦/ ٨٣، وابن أبي الحديد ٢/ ٤٢، والبداية والنهاية ٧/ ٣٢٥، ومقاتل الطالبين ٢٩.

(٢) مقاتل الطالبين ٣٣.