الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

مقتله # وموضع قبره وما يتصل بذلك

صفحة 205 - الجزء 1

  ولما اضطر # إلى محاربة القوم وعبّأ عمر بن سعد أصحابه لمحاربة الحسين #، ورتّبهم مراتبهم، وأقام الرايات في مواضعها، وعبّأ أصحاب الميمنة والميسرة، وقال لأصحاب القلب: اثبتوا، وأحاطوا بالحسين # من كل جانب حتى جعلوه في مثل الحلقة، فخرج # حتى أتى الناس، فاستنصتهم فأبوا أن ينصتوا حتى قال لهم: ويلكم ما عليكم أن تنصتوا لي فتسمعوا قولي، فإني إنما أدعوكم إلى سبيل الرشاد، فمن أطاعني كان من المهتدين والمرشدين، ومن عصاني كان من المهلكين، وكلكم عاص لأمري، غير مستمع قولي، فقد انجزلت⁣(⁣١) عطياتكم من الحرام، وملئت بطونكم من الحرام، فطبع على قلوبكم، ويلكم ألا تنصتون؟ ألا تستمعون؟ فتلاوم أصحاب عمر بن سعد بينهم وقالوا:

  أنصتوا له، فأنصتوا، فقام الحسين # فيهم: فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي ÷، ثم قال: تبا لكم أيتها الجماعة وترحا، أفحين استصرختمونا ولهين متحيّرين، فأصرخناكم موجزين مستعدّين، سللتم علينا سيفا في رقابنا! وحششتم علينا نار الفتن، جناها عدوّكم وعدوّنا، فأصبحتم إلبا على أوليائكم، ويدا عليهم لأعدائكم، لغير عدل أفشوه فيكم، ولا أمل أصبح لكم فيهم، إلا الحرام من الدنيا أنالوكم، وخسيس عيش طعمتم فيه، من غير حدث كان منا، ولا رأي تفيّل⁣(⁣٢)، فهلا لكم الويلات تجهمتمونا والسيف لم يشهر، والجأش طامن، والرأي لم يستخف، ولكن أسرعتم إلينا كطيرة الذباب، وتداعيتم كتداعى الفراش، فقبحا لكم فإنما أنتم من طواغيت الأمة، وشذاذ الأحزاب، ونبذة الكتاب، ونفثة الشيطان، وعصبة الآثام، ومحرفي الكتاب، ومطفئ السنن، وقتلة أولاد الأنبياء، ومبيري عترة الأوصياء، وملحقي العهار بالنسب، ومؤذي المؤمنين، وصراح أئمة المستهزئين، الذين جعلوا القرآن عضين، وأنتم ابن حرب وأشياعه تعتمدون، وإيانا تحاربون.


(١) أي عظمت، المعجم الوسيط ١٢١.

(٢) تفيّل رأيه: أخطأ وضعف. (القاموس ص ١٣٥٠).