الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر بيعته ومدة ظهوره #

صفحة 287 - الجزء 1

  على نفسك ومالك ودمك وعلى كل أمر أحدثته إلا حدا من حدود الله، أو حقّا لمسلم أو معاهد، وقد علمت ما يلزمك في ذلك ومن ذلك، وأنا أولى بالأمر منك، وأوفى بالعهد والعقد، لأنك تعطيني من عهدك ما أعطيته رجالا من قبلي، فأي أمانك تعطيني: أمان ابن هبيرة؟ أم أمان عمك عبد الله بن علي؟ أم أمان أبي مسلم؟ والسلام.

  فأجابه أبو جعفر: من عبد الله أمير المؤمنين إلى محمد بن عبد الله أما بعد: فقد بلغني كتابك وفهمت ما ذكرت فيه، فجلّ فخرك بقرابة النساء، ولم يجعل الله النساء كالعمومة والآباء، ولا كالعصبة والأولياء، لأن الله تعالى جعل العم أبا، وبدأ به على الولد الأدنى، ولو كان اختيار الله لهن على قدر قرابتهن لكانت آمنة أقربهن رحما، وأعظمهن حقّا، وأول من يدخل الجنة غدا، ولكن اختار الله لخلقه على قدر علمه الماضي منهم، فأما ما ذكرت من فاطمة أم أبي النبي ÷، وولادتها فإن الله لم يرزق من ولدها ذكرا ولا أنثى الإسلام، ولو كان أحد من ولدها رزق الإسلام بالقرابة لكان عبد الله بن عبد المطلب أولاهم بكل خير في الدنيا والآخرة، ولكن الأمر إلى الله يختار لدينه من يشاء، قال الله تعالى: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}⁣[القصص: ٥٦] ولقد بعث الله نبيه محمدا وله عمومة أربعة، وأنزل عليه: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}⁣[الشعراء: ٢١٤] فدعاهم فأنذرهم، فأجابه اثنان: أحدهما أبي، وأبى اثنان: أحدهما أبوك، فقطع الله ولايتهما، ولم يجعل بينه وبينهما إلّا ولا ذمة ولا ميراثا، وزعمت أنك ابن أخف أهل النار عذابا، وابن خير الأشرار، وليس في الكفر بالله صغير، ولا في عذاب الله خفيف ولا قليل، ولا في الشر خيار، ولا ينبغي لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يفخر بالشر، وسترد فتعلم {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ}⁣[الشعراء: ٢٢٧] وأما ما فخرت به من أن فاطمة أم علي، وأن