الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

فصل: [في فضل أهل البيت]

صفحة 17 - الجزء 1

  قد أقبلت وهي حاملة للحسين وهي تبكي بكاء شديدا، فاستقبلها رسول الله ÷ فتناول الحسين منها، وقال لها: ما يبكيك يا فاطمة؟ قالت: يا أبت عيرتني نساء قريش، وقلن زوّجك أبوك معدوما لا شيء له.

  فقال النبي ÷ مهلا يا فاطمة وإياي أن أسمع هذا منك، فإني لم أزوجك حتى زوجك الله من فوق عرشه، وشهد على ذلك جبريل وإسرافيل، وإن الله تعالى اطّلع على أهل الدنيا، فاختار من الخلائق أباك فبعثه نبيّا، ثم اطّلع الثانية، فاختار من الخلائق عليا، فأوحي إليّ فزوجتك إياه، واتخذته وصيّا ووزيرا، فعليّ أشجع الناس قلبا، وأعلم الناس علما، وأحلم الناس حلما⁣(⁣١)، وأقدم الناس إسلاما، وأسمحهم كفّا، وأحسن الناس خلقا، يا فاطمة، إني آخذ لواء الحمد ومفاتيح الجنة بيدي فأدفعها إلى علي فيكون آدم ومن ولد تحت لوائه، يا فاطمة إني غدا أقيم عليا على حوضي يسقي من عرف من أمتي، يا فاطمة، وابناك الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة. وكان قد سبق اسمهما في توراة موسى، وكان اسمهما في الجنة شبّرا وشبيرا، فسماهما الحسن والحسين لكرامة محمد ÷ على الله تعالى ولكرامتهما عليه، يا فاطمة، يكسى أبوك حلّتين من حلل الجنة، ويكسى عليّ حلّتين من حلل الجنة، ولواء الحمد في يدي، وأمتي تحت لوائي، فأناوله عليّا لكرامته على الله تعالى، وينادي مناد: يا محمد نعم الجدّ جدّك إبراهيم، ونعم الأخ أخوك علي، وإذا دعاني ربّ العالمين دعا عليا معي، وإذا جثوت جثى عليّ معي وإذا حييت حيي عليّ معي، وإذا شفّعني شفّع عليّا معي، وإذا أجبت أجيب عليّ معي، وإنه في المقام عوني على مفاتيح الجنة، قومي يا فاطمة فإن عليا وشيعته هم الفائزون غدا.

  وقال: بينما فاطمة & جالسة إذ أقبل رسول الله ÷ حتى جلس إليها، فقال يا فاطمة: ما لي أراك باكية حزينة؟ قالت: بأبي وأمي كيف


(١) في (ب) وأحكم الناس حكما.