فصل: [في فضل أهل البيت]
  لا أبكي، وتريد أن تفارقني؟ فقال لها: يا فاطمة لا تبكي ولا تحزني فلا بد من مفارقتك قال: فاشتد بكاء فاطمة &، ثم قالت: يا أبت أين ألقاك؟
  قال: تلقيني على تل الحمد أشفع لأمتي، قالت يا أبت: فإن لم ألقك؟ قال:
  تلقيني على الصراط وجبريل عن يميني وميكائيل عن يساري، وإسرافيل آخذ بحجزتي، والملائكة من خلفي، وأنا أنادي يا رب أمتي أمتي هوّن عليهم الحساب، ثمّ انظر يمينا وشمالا إلى أمتي، وكلّ نبي يومئذ مشتغل بنفسه يقول: يا رب نفسي، وأنا أقول: يا رب أمتي أمتي، وأول من يلحق بي يوم القيامة أنت وعليّ والحسن والحسين، فيقول الربّ يا محمد: إن أمتك لو أتوني بذنوب كأمثال الجبال لعفوت عنهم ما لم يشركوا بي شيئا، ولم يوالوا لي عدوا».
  قال: فلمّا سمع الشاب هذا مني أمر لي بعشرة آلاف درهم، وكساني ثلاثين ثوبا، ثم قال لي: من أين أنت؟ قلت: من أهل الكوفة. قال: عربي أنت أم مولى؟ قلت: بل عربي. قال: فكما أقررت عيني أقررت عينك، ثم قال:
  ائتني غدا في مسجد أبي فلان، وإياك أن تخطئ الطريق، فذهبت إلى الشيخ، وهو جالس ينتظرني في المسجد فلما رآني استقبلني، وقال: ما فعل أبو فلان؟
  قلت: كذا وكذا. قال: جزاه الله خيرا جمع الله بيننا وبينهم في الجنة، فلما أصبحت يا سليمان ركبت البغلة، وأخذت في الطريق الذي وصف لي، فلما صرت غير بعيد تشابه عليّ الطريق، وسمعت إقامة الصلاة في مسجد، فقلت:
  والله لأصلينّ مع هؤلاء القوم، فنزلت عن البغلة ودخلت المسجد، فوجدت رجلا قامته مثل قامة صاحبي فصرت عن يمينه، فلما صرنا في ركوع وسجود إذا عمامته قد رمى بها من خلفه، فتفرّست في وجهه، فإذا وجهه وجه خنزير ورأسه وحلقه ويداه ورجلاه، فلم أعلم ما صليت وما قلت في صلاتي متفكرا في أمره، وسلّم الإمام وتفرس في وجهي، وقال: أنت أتيت أخي بالأمس فأمر لك بكذا وكذا، قلت: نعم، فأخذ بيدي، فأقامني، فلما رآنا أهل المسجد تبعونا، فقال للغلام: