الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

أولاده #:

صفحة 377 - الجزء 1

  سأبعد داري عن قلى من دياركم ... فذوقوا إذا ولّيت عاقبة البغض

  فقامت إليه جماعة من أهل الكوفة فقالوا له: ما أنصفتنا في قولك: ما أقدمت فأحجمنا، ولا كررت وفررنا⁣(⁣١)، ولا وفيت وغدرنا، ولقد صبرنا تحت ركابك، وثبتنا تحت لوائك حتى أفنتنا الوقائع واجتاحتنا، وما بعد ما فعلنا غاية إلا الموت، فامدد يديك نبايعك على الموت، فوالله لا نرجع حتى يفتح الله علينا أو يقضي قضاءه فينا.

  فأعرض عنهم ونادى في الناس بالخروج لحفر الخندق، فخرجوا فحفروا وأبو السرايا يحفر معهم عامة يومه، فلما كان الليل خرج الناس إلى الخندق، وأقام إلى الثلث الأول من الليل ثم عبّأ أثقاله وأسرج خيله وارتحل هو ومحمد بن محمد ونفر من العلويين والأعراب، وقوم من أهل الكوفة وذلك في ليلة الأحد لثلاث عشرة ليلة مضت من المحرم، فأقام بالقادسية ثلاثا حتى تتام إليه أصحابه، ثم مضى على خفان وأسفل الفرات حتى صادر على طريق البر، ووثب بالكوفة أشعث بن عبد الرحمن الأشعثي فدعا إلى هرثمة، وخرج أشراف أهل الكوفة إلى هرثمة فسألوه الأمان للناس فأجابهم إلى ذلك.

  ودخل منصور بن المهدي الكوفة وأقام هرثمة خارجها، وفرّق عسكره حوالي خندقها، وأبوابها خوفا من حيلته، وخطب منصور بن المهدي الناس وصلى بهم، وولّى هرثمة غسان⁣(⁣٢) بن الفرج الكوفة، وأقام هو أياما بظهر البلد، حتى أمن الناس وهدأت قلوبهم وارتحل إلى بغداد، ومضى أبو السرايا يريد البصرة فلقيه أعرابي من أهل البلد، فسأله عن الخبر فأعلمه غلبة السلطان عليه وإخراج عماله عنه، وأن المسودة في خلق كثير لا يمكنه مقاومتهم، فعدل عنها وأراد المضي نحو واسط، فأعلمه الرجل أن صورة أمرها مثل ما ذكره له عن البصرة، فقال له: فأين ترى؟

  فقال: أرى تعبر دجلة فتكون بين خوخي والجبل، فتجتمع معك أكرادها،


(١) في (ا): متى أقدمت فاحجمنا، أو كررت ...

(٢) في (ج): حسان.