الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

فصل: [في فضل أهل البيت]

صفحة 24 - الجزء 1

  فيقولون: نحن أهل التوحيد من العرب. فأقول: أنا محمد نبي العرب والعجم فيقولون: نحن من أمتك. فأقول: كيف خلفتموني في عترتي، وكتاب ربي؟

  فيقولون: أما الكتاب فضيعناه، وأما عترتك فحرصنا على أن نبيدهم! فأولّي وجهي عنهم، فيصدرون عطاشا قد اسودت وجوههم، ثم ترد راية أخرى أشد سوادا من الأولى، فأقول لهم: من أنتم؟ فيقولون كالقول الأول: نحن من أهل التوحيد، فإذا ذكرت اسمي قالوا: نحن من أمتك، فأقول: كيف خلفتموني في الثقلين كتاب الله وعترتي؟ فيقولون: أما الكتاب فخالفنا، وأما العترة فخذلنا هم ومزقناهم كل ممزق! فأقول لهم: إليكم عني، فيصدرون عطاشا مسودة وجوههم، ثم ترد عليّ راية أخرى تلمع نورا، فأقول: من أنتم؟ فيقولون: نحن أهل كلمة التوحيد والتقوى، نحن أمة محمد، ونحن بقية أهل الحق، حملنا كتاب ربنا فأحللنا حلاله، وحرّمنا حرامه، وأحببنا ذرية محمد فنصرناهم من كل ما نصرنا به أنفسنا، وقاتلنا معهم، وقتلنا من ناوأهم، فأقول لهم: أبشروا فأنا نبيكم محمد، ولقد كنتم كما وصفتم، ثم أسقيهم من حوضي فيصدرون رواء، ألا وإن جبريل أخبرني: بأن أمتي تقتل ولدي الحسين بأرض كرب وبلاء، ألا ولعنة الله على قاتله وخاذله أبد الدهر».

  ثم نزل، ولم يبق أحد إلا وتيقن أن الحسين # مقتول، فلما كان أيام عمر وأسلم كعب الأحبار وقدم المدينة، وجعل الناس يسألونه عن الملاحم وهو يحدّثهم، قال كعب الأحبار: نعم وأعظمها ملحمة هي الملحمة التي لا تنسى أبدا وهو الفساد الذي ذكره الله في الكتب وذكره في كتابكم فقال: {ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ}⁣[الروم: ٤١] الآيات، وإنما فتح بقتل هابيل وختم بقتل الحسين بن علي @ قال كعب: ولعلكم تهوّنون قتل الحسين، أولا تعلمون أنه يفتح يوم قتله أبواب السماوات كلها، ويؤذن للسماء بالبكاء فتبكي دما فإذا رأيتم الحمرة قد ارتفعت من جنباتها شرقيّا وغربيا فاعلموا أنها تبكي حسينا،