الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر نكت من كلامه #:

صفحة 20 - الجزء 2

  صرعتك، ولا يؤنسك غدا في وحشتك، فلا تبع يا مسكين بدنياك آخرتك، ولا تنخدع لها فتركب رقبتك، وعليك بنفسك أكرم الأنفس عليك، وأحب الأنفس إليك، واعلم أنك مسؤول ومحاسب ومعاقب، فارغب في الثواب، وارهب من العقاب، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم⁣(⁣١).

  وقال # في كتاب سياسة النفس: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم، ونسأل الله ولي نعمة الابتداء، ومسهل سبيل قصد الاهتداء، أن يمن علينا وعليكم بشكر نعمه في ابتدائه، ويحسن إلينا وإليكم بعونه على سلوك سبيل أوليائه، التي أرجو أن تكون أنفسكم لها وفيها، ولما أنتم عليه لله من التمسك بها، والقصد إليها من الأنفس التي أذن الله بعمارتها، ورمى إليها بأسباب حياتها، فقد عقد الله لكم بذلك لدينا عقد الخلة والإخاء، ووكد بذلك لكم علينا اخوة الخاصة والأولياء، فأيقنوا أنه لم يوصل سبب من الأسباب بين المتواصلين، ولم يعقد خلة من الخلل بين المتخالّين من الأولين من خلق الله لا ولا من الآخرين بغير ما يرضي الله سبحانه من التقوى، ويستحقه جل ثناؤه من الطاعة له والرضى، إلا كانت وصلة حسرة وانقطاع، وخلة ندم غدا واسترجاع، يدعوا أهلها فيها بالويل والعويل، ويصيرون بها في الآخرة إلى خزي طويل، ذلك قوله جل ثناؤه: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ}⁣[الزخرف: ٦٧]. وقوله تعالى عن القائلين: {يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا ٢٨ لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولًا}⁣[الفرقان: ٢٨ - ٢٩]. ونحن نرجو وليكم الله أن يكون وصلة ما بيننا، وما عقد الله - فله الحمد - عليه خلتنا، سببا عقده الله بالإيمان، وأسسه منه على رضوان، فمن أحق بالتعظيم منا له؟ لما كانت الأبرار تعظمه،


(١) انظر مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم ٢/ ٤٧٧ - ٤٨٠.