ذكر نكت من كلامه #:
  أنت إلى أهلك راجع، ولا في عملك زائد شارع، فاعمل ليوم القيامة ليوم(١) الحسرة والندامة.
  أما بعد: فلا يمل بك الأمل الكاذب، ولا تكن كالشاهد الغائب، فإنك والقوم على بساط واحد، والموت يأتي على كل صادر ووارد، فلا يذهبن قولي لك(٢) صفحا، فإني لم آلك حضّا ونصحا، فإن تقبل نصيحتي فأنت لذلك أسعد، وبه أعلى عينا وأرشد، وعن قليل يأتيك الخبر، فالحذر الحذر، فإنه يأتي أسرع من لمح البصر.
  أما بعد: فإن الدنيا بحر عميق، ولنيرانها لهب وحريق، ولطرقها مفاوز ومضيق، فاتخذ زادا(٣) لبعد مفاوزها ومضيقها، فأعد عدة السير تزحزح به عن لهبها وحريقها، واتخذ سفينة تنجو بها من بحر عميقها، وقرّب عليك الأجل، لا تخدعك بآمالها ومكرها، وقد عرفتك نفسها، وأوضحت لك لبسها، فلا تعم وأنت بصير، ولا تأمن وأنت بتحذير، فإن الذي بقي من عمرك قليل، فإما الثواب الجزيل، وإما البلاء الطويل، فكن بعملك منتفعا، وللموت متوقعا، فإنك لا تدري على أي حال يأتيك، وفي أي وقت يفاجيك، فعجبا لك يا مكنون الأجل، كيف تغتر بطول الأمل! فابك على نفسك إن كنت باكيا، وتيقظ من غفلتك إن كنت لاهيا.
  أما بعد: فإنك قد أخرجت من روح الدنيا ومساكنها، وأبدت أهلك لغيرك(٤) سكنها ومحاسنها، ونسيت ما كان لها من كدك، وتغيرت عما كانت لك عليه من بعدك، فتمتعوا بمالك، ولم يعبئوا بحالك، لمن لا يرثى لك غدا من
(١) في (أ) ومجموع الرسائل: قبل.
(٢) في مجموع رسائل الإمام «عنك».
(٣) في المجموع: فالحذر إذا.
(٤) في (أ) وأبدت أهلك بغيرك.