الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر نكت من كلامه #:

صفحة 22 - الجزء 2

  عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها}⁣[النازعات: ٤٥ - ٤٦]. وقال تبارك وتعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنَ النَّهارِ يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ}⁣[يونس: ٤٥](⁣١).

  وقال # في موضع آخر من هذا الكتاب: واعلموا أن القلوب كالآنية المصدوعة، لما تنازع إليه من غرائزها المطبوعة، فإن لم ترهم صدوعها لم يصح مطبوعها، على بنية اعتداله فيما فطرها الله عليه من كماله، فزمّوها بالعلم بكتاب الله وترتيله، والوقوف على محكم تأويله، ففي ذلك لها تقويم وتعديل، وهداية ونور ودليل، على منهاج خالص الطريق المساير لها في حب الله وطاعته، وما أوجب الله على العباد من أثرته وعبادته، وبكتاب الله تنجلي عن القلب ظلم الحيرة، وبلطف النظر فيه يدرك حقائق العلم أهل البصيرة، وبسبيل الله فيه المطرقة تكون هدايات المتقين في الثقة في نيل الغايات القصوى، وبلوغ الدرجات العلى، وقد زعم بعض أهل الحيرة والنقص، ومن لا يعرف عين النجاة والتخلص أن الألطاف في النظر، يدعو صاحبه إلى الخيلاء والبطر، وإنما يكون ذلك كذلك عند من يريده للترؤس لا لما فيه، وما جعله الله عليه من حياة الأنفس، فانفوا مثل هذا عن ضمائركم، وسدوا ثلمة عيبه في سرائركم، واعلموا أن البحر لا يجاز يقينا بتّا إلا بمعبر، وأنه قد يحتاج الشجاع المحارب إلى السلاح في الحرب فكيف بالغبي المغتر؟، فلا يتعاط أحد سبيل التقوى، وما قرن الله بها من التمحيص والبلوى، إلا وقد تحصن⁣(⁣٢) بالعلم والبصر، الذي ميز الله به بين أهل الخير والشر، فلا تدعوا - رحمكم الله - حسن النظر في الأمور، والاستضاءة في ظلمها بما جعل


(١) ينظر مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم ٢/ ٣٣٣ - ٣٣٥.

(٢) في (أ) محص.