الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

بيعته # ونبذ من سيرته في ولايته ومدة ظهوره

صفحة 40 - الجزء 2

  فاستدعاني وإذا هو يوم العطاء، (قد جلس لذلك)⁣(⁣١) والمال يوزن ويخرج إلى الناس، فقال: أحضرتك لتشهد إخراج زكاتك إلى المستحقين، فقمت وقلت:

  الله الله أيها الإمام كأني أرتاب بشيء من فعلك، فتبسم وقال: ما ذهبت إلى ما ظننت ولكن أردت أن تشهد إخراج زكاتك. وقلت له يوما من الأيام: رأيتك أيها الإمام أول ما رأيتك وأنت تطوف على المرضى في المسجد تعودهم وتمشي في السوق، فقال: هكذا كان آبائي، كانوا يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق، وأنت إنّما عهدت الجبابرة والظلمة.

  وكانت له # مواقف مشهورة في الجهاد في سبيل الله ø، فمن ذلك ما رواه مصنف سيرته⁣(⁣٢): أنه كان في بعض أيامه مع بني الحارث، فانتقوا من خيلهم ما يدنو من أربعين فارسا مدججة في السلاح، وأمروهم أن لا يقاتلوا وأن يقفوا حتى إذا رأوا الهادي # حملوا عليه، فوقفوا، وبلغ إلى الهادي # خبرهم فلم يعبأ بهم، ولما رآهم حمل عليهم بنفسه فما وقف له منهم فارس واحد، فأدرك منهم فارسا واحدا فطعنه وألقاه وفرسه في أراكة، وانهزم القوم وعطف عسكره وقتل منهم # بيده جماعات كثيرة لم يثبت عددها هو ولا غيره، غير أنه كسر ثلاثة رماح، وضرب بسيفه حتى امتلأ قائم سيفه علقا، ولصقت أنامله على قائم سيفه بالدم، وفي ذلك يقول #:

  طرقت لعمرك زاهر مولاها ... والحرب مسعرة يشب لظاها

  طرقت تبختر في الحلي وفي الكسا ... إن الخريدة همها وهواها

  تكسو مناكب زانها أعجازها ... عند التعانق حلة ورداها

  أقنى حياك فحلتي يوم الوغا ... درع أعانق جيبها وعراها


(١) في (أ): ما بين القوسين ساقط.

(٢) سيرة الهادي ١٦٩ - ١٧٠.