الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

مدة ظهوره ونبذ من سيرته ووقت موته وموضع قبره #:

صفحة 99 - الجزء 2

  العسكر كله إلى المصانع، فلما علم بهم نجا إلى (مسور)، وفتت هذه الوقعة أعضاد الملحدين، ونعشت الدين وأعزت كلمة الموحدين، وشتت شمل الجاحدين.

  قال مصنف سيرة الناصر #: لقد شهدت الحروب وعاينتها مذ بلغت الحلم، فما رأيت يوما كيوم نغاش أكثر قتلى⁣(⁣١) من أعداء الله القرامطة، ولقد حبست فرسي في موضع قد كثر فيه القتل، فلقد سمعت للدماء خريرا كخرير الماء إذا هبط من صعود، قال |: ولقد رأيت ظبيا مقتولا قد سقط بين قتيلين، قال: وحدثني بعض أصحابنا: أنه رأى ظبيين مقتولين في موضع آخر، وذلك أنه لما وقعت الهزيمة في القرامطة مع كثرتهم أخذوا الجبل عموما، فدخلت الوحوش بينهم فقتلت معهم، ولقد صح لنا أن كثيرا من القرامطة دخلوا بين القتلى وتضمخوا بالدماء، حتى أفلتوا لما جن عليهم الليل، ولقد بان لي بين من ذلك، وذلك أني أشرفت على موضع من البون يقال له: ناهرة حتى رجع المتبع من أصحابنا، فلقد رأيت الجبل انهل كالسيل من القرامطة عراة يسعون هربا من كان مندسا في الجبال والشعاب وتحت الأعناب، وذلك أن كثيرا من عسكرنا ملّ القتل فسلب وخلا، ولقد كررت راجعا على شعب فيه قتلى كثير قد ركب بعضهم بعضا، فقلت لمن معي: احفظوا هذا الموضع حتى ننظره غدا، فلما كان من الغد نظرت إليه فوجدته رقيقا بخلاف ما كان، فعلمت أنه كان فيهم أحياء دخلوا بين القتلى ثم صح لنا الخبر بعد ذلك، قال: ولقد اجتهدنا أن نعرف عدد القتلى فما قدرنا على ذلك لتباعد الشعاب، وافتراق الأمكنة، قال: وفقد من دعاتهم وأهل الرئاسة منهم ثمانية وأربعون داعيا، ولقد وجد بعد ذلك قتلى كثيرة في شعاب نغاش بسلاحهم وثيابهم ما سلبوا، قال: وما قتل من أصحابنا في قتال يوم الأحد


(١) وردت في النسخ (قتلا ممن رأيته وعلمت قتل) ولا معنى له، وما أثبتناه من التحف ص ١٢٥.