الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر طرف من مناقبه #:

صفحة 104 - الجزء 2

  المبلغ الذي يضرب به المثل.

  قال السيد أبو طالب⁣(⁣١): سمعت كافي الكفاة يقول: إنه لقيه ببغداد، وإنه كان يحضر داره كثيرا، وإنه أول من لقي شيخنا أبا عبد الله البصري لقيه في داره، قال: فكنا نجرب حفظه لفقه أبي حنيفة بأن نكتب له مسائل غامضة، ننتخبها من الكتب، وكان يقترح علينا أن نفعل ذلك، فكان ينظر فيها ويكتب أجوبتها تحتها فلا يغلط في شيء منها على المذهب. قال #: وحكى القاضي أبو محمد عبد الله بن محمد الأسدي المعروف بابن الأكفاني، قال: كنا يوما في مجلس أبي الحسن، وأبو عبد الله محمد بن الداعي ¥ حاضر على عادته، فلما فرغ أبو الحسن من الدرس قام وخرج من المسجد (وتبعه أبو عبد الله بن الداعي ¥، فلما خرج من المسجد)⁣(⁣٢) التفت فرآه، فقال: أيها الشريف لولا أن الخروج من المسجد لا فضيلة فيه لكنت لا أتقدم عليك فيه.

  وحكي أن مشايخنا ببغداد وأظن أني سمعت هذه الحكاية من كافي الكفاة وهي: أن أبا الحسن لما مات حضر أبو عبد الله بن الداعي ¥ جنازته، وحضرها أبو تمام الزينبي وهو نقيب العباسيين، فكان شيخنا أبو عبد الله يحب أن يصلي عليه أبو عبد الله بن الداعي، وأبو بكر بن الدامغاني - وهو من متقدمي أصحاب أبي الحسن وحفاظهم، وكان أبو الحسن حين غلبت عليه الرطوبة في آخر أيامه وثقل لسانه، وانقطع عن التدريس استنابه للفتيا عنه - كان يميل إلى أن يصلي عليه أبو تمام الزينبي، لأنه كان يختص به كما يختص شيخنا أبو عبد الله بأبي عبد الله ابن الداعي ¥، فحين وضعت الجنازة احتال أبو بكر هذا بأن تقدم إلى بين يدي أبي عبد الله بن الداعي، فقال: أيها السيد⁣(⁣٣) أنت أحق الناس بالتقدم، ولا


(١) الإفادة ١٣٧ - ١٣٨.

(٢) في (أ): ساقط ما بين القوسين.

(٣) في (أ): أيها السيد، وفي الحاشية: الإمام.