ذكر طرف من مناقبه #:
  يجوز أن يتقدم عليك أحد وقد حضرت، ولكنك تعلم أن مثل هذا الشيخ يقبح أن يصلّى عليه على خلاف مذهبه، وقد علمت أن مذهبه أن تكبير الجنائز أربع، فإذا رأيت أن تكبر عليه أربعا فافعل، فانتهره ¥، وقال: أنا لا أكبر إلا خمسا، (فمن شاء)(١) فليتقدم، فحينئذ تقدم أبو تمام وصلى عليه(٢).
  وكان # قد خرج إلى فارس فأكرمه عماد الدولة، وعرف له مكانه من الأبوة والفضل في نفسه، فإن عماد الدولة كان أحد قواد الداعي، ثم انتقل إلى بغداد في أيام معز الدولة أبي الحسن أحمد بن بويه، فزاد في إعظامه وإكباره والرفع من محله، وكان هو وأخوه من خواص الداعي ¥.
  قال السيد أبو طالب ¥(٣): وكان معز الدولة حين تمكن من بغداد ولّى نقابة العلوية أبا محمد علي الكوكبي القمي لخدمة قديمة سلفت له، وكان أبو علي فيه زعارة وعنف، فشكا العلوية إلى معز الدولة سوء معاملته إياهم مرة بعد أخرى، فقال لهم: قد عزلته عنكم فاختاروا لأنفسكم من ترضونه، فاجتمع العلوية كلهم على الرضى بأبي عبد الله بن الداعي ¥، وقالوا لمعز الدولة:
  لا نختار غيره، فقال معز الدولة: أنا أعظمه من هذا العمل وأجله أن أخاطبه فيه، فإني أعتقد أن مكان المطيع هو مكانه وهو المستحق له دون غيره، ولكن إن سألتموه وشفعتم إليه وأجابكم إلى ما تريدونه فهو منية المتمني، أو كلام هذا معناه. فاجتمعوا إليه ¥ وسألوه ذلك فامتنع منه وأنف من الدخول فيه، هذا مع جلالة هذا الأمر كانت في ذلك الوقت ببغداد، وأعادوا المسألة والشفاعة حالا بعد حال، واستعانوا فيه بشيخنا أبي عبد الله البصري، فإنه كان يحب أيضا دخوله في الأمر، ليتمكن بجاهه فضل تمكن، وأشار عليه بذلك وسأله فيه إلى أن
(١) في (أ): ساقط ما بين القوسين.
(٢) الإفادة ١٣٨.
(٣) الإفادة ١٤٢.