الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

[دعوته]

صفحة 172 - الجزء 2

  فالحمد لله الذي اصطفى خير خلقه محمدا ÷ بالنبوة، واختصه بالرسالة، ونصبه لإقامة الدلالة، وندبه ناهيا عن الغي والجهالة، وابتعثه على حين فترة من الرسل، وطموس من السبل، وتفرق من الآراء، وتشعب من الأهواء، في فتنة عمياء صماء، والناس يخبطون فيها خبط عشواء في ظلماء، قد حرفوا الكتاب، وتنكبوا الصواب، ونقضوا العهود، وحلوا العقود، وعطلوا الأحكام والحدود، ونسوا الزجر والوعيد، ونبذوا الدين ظهريا، وغادروا الشرع نسيا منسيا، فبلّغ ÷ الرسالة، وأدى الأمانة، وأوضح الدلالة، ونبذ الخيانة، ونصح الأمة، وكشف الغمة، وأظهر البرهان والدليل، وأقام الحق على سواء السبيل، فدعا إلى الله سبحانه دعوة بلغت أقاصي الأرض وأدانيها، وأنجز له تعالى ما وعده فيها، حين جاهد في الله حق جهاده، وبث الحق والعدل في عباده وبلاده، وقلع الأوثان والتماثيل، ودحض الأصنام والأضاليل، ونفى زخرف الأقاويل ومفتعل الأباطيل، وكان الخلق على شفا جرف هار فخلّصهم، وعلى شفير حفرة من النار فأنقذهم، فلما قوّمهم بالهدى والتقى، وجنّبهم مصارع الغي والردى أنزل عليه العليّ الأعلى سبحانه وتعالى: {قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى}⁣[الشورى: ٢٣] أمرهم تعالى أن يكافئوا جلائل النعم، ويجازوا فواضل هذه القسم بإعظام الذّريّة، وإكرام نجل النبوءة، فرضا حتمه على كافة البريّة، وأكده رسوله المصطفى ÷ بالوصية حين قال للسبطين الطيبين الطاهرين السيدين الحسن والحسين @: «آذى الله تعالى من آذاني فيكما، ورحم من رحمني فيكما»، وحين قال: «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض»⁣(⁣١)، فجعل الكتاب


(١) رواه الإمام في المجموع ٤٠٤ / وعلي بن موسى الرضا في صحيفته ٤٦٤، ومسلم عن زيد بن أرقم ٤/ ١٨٧٣ رقم ٢٤٠٨ والترمذي ٥/ ١٢١ رقم ٣٧٨٦ وقال حديث حسن غريب، والطبراني في الكبير عن زيد ١٨٦ رقم ٥٤٠ ومسند أحمد ٤/ ٣٠ رقم ١١٠٤ وج ٧/ ٨٤ رقم ١٩٣٣٢ وج ٨/ ١٣٨ رقم ٢١٦٣٤ وابن كثير في البداية والنهاية ٥/ ٢٢٨. وقال: قال شيخنا أبو عبد الله الذهبي وهذا حديث صحيح.