الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

[دعوته]

صفحة 174 - الجزء 2

  شهيد منهم تحت لواء الحق معفر، وقتيل أمام إمامه مجدل، وصريع في قلب مصافه مزمّل، وقد كانت عرتهم نفرة قصدنا إزاحتها، وعلتهم وحشة اعتمدنا إزالتها، ورأينا استعطافهم واستمالتهم وإنالتهم بعدها وكفالتهم، وإلى الله نرغب وإياه نسأل، وإليه سبحانه نضرع ونبتهل أن يثبّتهم في جملتنا ويوفقهم لنصرتنا، وأن يحشرهم غدا في زمرتنا مع أسلافنا وأسرتنا، وهو تعالى جدّه بالإجابة جدير، وعلى ما يشاء قدير.

  معاشر الناس يرحمكم الله إن الله جل ثناؤه، وتقدست أسماؤه، وعظمت آلاؤه لم يخلقكم عبثا، ولم يترككم سدى، ولم يخل بينكم وبين آرائكم، ولم يصر بكم بحسب شهواتكم وأهوائكم، ولم يخلع عذاركم، ولا ملّككم اختياركم، كلا بل جعل عليكم رقيبا من العقل قامعا أمرا، ونبيها من الرأي رادعا زاجرا، وشهيدا من الشرع مانعا، ونصب لتأسيس أوامر الصدق وشرائع الحق الأنبياء الصادقين À أجمعين، ثم أمرهم بعد تأسيسها بسياستها وحفظها وحراستها وضبطها ودراستها، فكان الخلق في تلقى الحق قسمين: قسم بان لهم الحق فأذعنوا واستسلموا خاضعين، وانقادوا لأمر الله سبحانه طائعين، فأجابوا داعي الله سبحانه مبتهلين ضارعين، أنسوا ببرد اليقين، ونالوا رضى رب العالمين، بصدور منشرحة، وآمال منفسحة، ونيّات صادقة، ونفوس إلى الخير سابقة، ففازوا في دنياهم بالدعة والحفض، وفي عقباهم بجنة عرضها كعرض السماوات والأرض، وسعدوا بالجوار للرب الكريم والنعيم المقيم، {وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ}⁣[الزمر: ٧٣].

  وقسم جحدوا النبوة وخالفوها تمردا وعصيانا، ودفعوا الشريعة وأنكروها سحتا وطغيانا، فاستخفّوا بحدود الله تعالى، وجاوزوا أحكام الله سبحانه