[دعوته]
  وتعالى، واستهانوا بحرمات الله سبحانه وتعالى، ولم يعظموا شعائر الله {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ}[المائدة: ٤٤]، {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[البقرة: ٢٢٩]، فأدّاهم غيّهم إلى سخط الله وسطواته، وبلاهم كفرهم بنكاله ونقماته، فلما انقضى عهد النبوءة، وتعين على الخلق فرض الإمامة ألحد فيها طائفة منهم سلكوا منهاج من تقدمهم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة، فغرّتهم الدنيا بزخرفها وزهرتها وبهجتها وزينتها، فركبتهم شهواتهم، وأوبقتهم سيئاتهم، ولجّت بهم عثراتهم، فنالوا من الدنيا متاعا قليلا، وبلاغا نزرا حقيرا، وكابدوا بعدها عذابا طويلا وعقابا وبيلا، وعاينوا مقاما مهيلا وغراما وتنكيلا، فرحم الله امرأ نظر لنفسه وفكر في يومه وأمسه ودبر لغده، وذكر مثواه في رمسه وأيقن أنه رهين بما كسبت يداه، فحسنت أفعاله وأعماله، ومسؤول عما تحركت به شفتاه فصدقت أقواله.
  عباد الله يرحمكم الله، إن لكل قائل فيما يقوله غرضا ينتحيه، ورأيا يقصده ويرتئيه، وغرضي والشاهد الله الذي يبلو خفيات السرائر، ويطلع على خفيات الضمائر، ما أبثكم وأنصبه لكم على غرة، ولا أكتمكم شيئا من حلوه ومره، غرضي ومرادي فيما أحاوركم به استشعار تقوى الله تعالى، وابتغاء مرضات الله، والتقرب إلى الله، والسعي في ذات الله، وبذل المهجة للجهاد في سبيل الله، وحمل الخلق على كتاب الله، وإحياء شريعة رسول اللّه ÷، وتأمين السبل الخائفة لتكون السياسة قائمة حيث أمر به تعالى(١)، من أمان عباد وإخصاب بلاد، وإقامة حكم وإزالة ظلم، ثم إعزاز آل رسول الله ÷ الذين جحدهم أكثر الأمة حقوقها، واستحلت عقوقها، واستباحت دماءها.
  هذا أمير المؤمنين # أزيح يوم السقيفة عن منزلته الشريفة المنيفة،
(١) في (أ) أمر الله تعالى به.