الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

[دعوته]

صفحة 178 - الجزء 2

  شخص من أهل⁣(⁣١) هذه الرتبة السامية، والمنزلة العالية، والرفعة المتناهية، وكان صحيح البنية، لطيف الفطنة، وسليم الفطرة، وجمع - إلى طهارة المولد، وزكاء المحتد والمنشأ - النزاهة⁣(⁣٢) والنقاء، ثم العلم الراجح، والعمل الصالح، ثم الشجاعة القاهرة، ثم السماحة الطاهرة، ثم السياسة، ثم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم السيرة العادلة الرضية والسنة الفاضلة السنية، فهو صاحب دهره، وولي الناس في عصره، فأول ما يجب عليه إصلاح النفس الأمارة بالسوء، حتى يصير كما قال الله تعالى: {يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً}⁣[الفجر: ٨ - ٩]، وليست المطمئنة الراضية المرضية هي الأمّارة بالسوء.

  ورياضة النفس بإماتة الشهوات الدنيوية، إذا انتصبت وأشارت بعين غير مستقيم، وأطفأ الغضب إذا استعر واحتدم وصار كالجحيم، وغض الطرف عن المحارم وسدّ السمع عن المآثم، وقمع اليد عن العظائم، والقدم عن السعي في النمائم، ويطهر قلبه عن الأدناس، وينفى عنه الوسواس الخناس، حتى إذا تهذبت نفسه، وتأدبت جوارحه، وخشعت أطرافه، وعفّ لسانه وسلم صدره وأعطته نفسه المقادة وبلغ منها المنى والإرادة، تخطّأ منها إلى حشمه وحواشيه، ثم رهطه وأدانيه، ثم جيرته⁣(⁣٣) وقرابته ثم أدنى البلاد التي تليه، ثم على هذا الترتيب حتى تنتهي الدعوة إلى حيث بلغت كلمة الإسلام، وينقاد بطاعته الدين إلى جميع الأنام.

  عباد الله إن السياسات أربع: فسياسة تلزم الخاصة والعامة ظاهرة وباطنة، سافرة وكامنة، وهي سياسة الأنبياء الصديقين À


(١) في (أ) ساقطة: أهل.

(٢) في (أ) في النسخ بزيادة الواو وحذفناه ليستقيم المعنى.

(٣) في (أ) حرمته.