[دعوته]
  أجمعين، وسياسة أئمة الحق دعاة الخلق $، فإنها تلزم ظاهرة بالقول، وباطنة بالعقل وبعقد النية.
  والسياسة الثانية: تلزم الخاصة والعامة، ظاهرة لا باطنة، وقولا لا نية، وهي سياسة الملوك المتغلّبين، فإن السلطان الجائر إذا ظهر عليهم شخصه من بعد، قالوا قد جاء لاجئا، فإذا توسّطهم قالوا: خلد الله ملكك، وحرس عزك وسلطانك، فإذا فارقهم قالوا: مضى لا رده الله تعالى، وتمنّوا أن يكون آخر عهد منهم به.
  والسياسة الثالثة: تلزم الخاصة ظاهرة وباطنة دون العامة، وهذه سياسة الحكمة والعلوم الاستنباطيّة، والآراء النظرية والاجتهادية، فإنها لاحظ(١) للعامة فيها، لأنها تدق عن أفهامهم.
  والسياسة الرابعة: سياسة الوعّاظ للعامة وأصحاب الأقاصيص وأصحاب الكراسي، فإن سياستهم تملك العامة، ظاهرة وباطنة دون الخاصة، ألا ترى إلى بكائهم بعيونهم، وخشوعهم بقلوبهم.
  والحكم على ضربين: شرعي وسياسي، فالشرعي إلى القضاة، والسياسي إلى الولاة مراشد الدين والدنيا، فأول ما يجب على الإمام نصبه قاضي قضاة المسلمين بعد الاجتهاد والتحري والافتقاد، فإن أمكنه أن يكون ثاني منزلته في الفضيلة، وثالثه في ثني الوسيلة فعل ذلك، وسياسة القاضي شرعية دينية، وعند الوساطة سياسة تقنينية، ويكون فقيها لطيفا أديبا ظريفا رفيقا بالناس، شفيقا عفيفا رؤوفا نزيه النفس عن الأطماع، حمولا صبورا حليما وقورا لبيبا محتشما مهيبا، قد ساس نفسه على التأديب، وراضها على التهذيب، مع السلامة والاستقامة والرأي والرجاحة. ولهذه المعاني استوجب أن يكون زماما على أهل العلم والعدالة والرأي والإصابة، لأنه ليس من العدل والحق أن يكون الأدنى فوق
(١) في (أ) خطة.