ذكر طرف من مناقبه وأحواله #
  به، فحدّثوه وكلموه(١) فحدثهم وأجابهم عن كل ما سألوه، وإذا به قد صار سميعا بعد أن قد شهد أولاده أنه كان لا يسمع الجباجب ولا الأصوات العالية، فعجب الناس لذلك عجبا شديدا.
  ثم أتى إليه رجل آخر أعمى يقال له: جابر البصير، فسلّم وجلس بين يديه وهو يريد أن يسأله هبة جربة وصية في بلده، وظن الإمام أنه أتاه ليمسح على عينيه، فلما قرب من الإمام مسح له على عينيه ودعى الله تعالى، فرد الله تعالى في عينيه النظر، فنظره ونظر من حوله فقال: إني لم آتك لهذا فعادت الظلمة في بصره كما كانت، وأقر بذلك وأخبر به، حتى عرفه المخالف والمؤالف، وكان الرجل من المطرفية الكفرة الشقية فلذلك قل يقينه فسمرت به السمار ونظمت فيه الأشعار فمما قيل في ذلك من الشعر قول القاضي الحميري من قصيدة أولها:
  يا ابن بنت النبي كل لسان ... مادح ما يكون مدح لساني
  ظهرت فيك معجزات كبار ... لم نخلها تكون(٢) في إنسان
  لم نخبّر عنها سماعا ولك ... نّا رأينا يقينها بالعيان
  تبرئ الأكمه العليل وتشفي ... بشفا الله أعين العميان
  وتسوق الحيا إلى حيث ما كن ... ت وتجري الأنهار في الغيطاني(٣)
  هبك تشفي عمى القلوب بعلم ... فبما ذا تشفي عمى العميان
  غير أن الوليّ لله لا تن ... كر فيه خصائص الرحمن(٤)
  وروي أنها وجدت ورقة من ورق الذرة وفيها مكتوب بالحمرة خلقة: لا إله إلا الله محمد رسول الله الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان. قال راوي
(١) في (ب، ج) محادثوه.
(٢) في (أ) تكنّ.
(٣) في (أ) الأعيان.
(٤) الشافي ١/ ٣٤٤ - ٣٤٥.