الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر مدته وانتصابه للأمر ونهاية عمره وموضع قبره #:

صفحة 237 - الجزء 2

  في بعض طريقهم غشيهم نور ساطع يميل إلى الصفرة، فقال لأصحابه: هل ترون ما أرى؟ فقال له قائل: قد رأيت يا مولانا نورا زائدا فكأن الثياب البيض مثل الثياب المسحّمة⁣(⁣١) بالصباغ فعجبوا من ذلك، وتموا في طريقهم حتى كان اليوم الثاني ولقيهم جماعة من أهل البلاد فقالوا: أين كنتم بالأمس عند الهاجرة؟

  فقالوا: في ذلك النقيل في رأس الوادي، فقالوا: فإنا رأينا في ذلك الموضع نورا عظيما في تلك الساعة.

  ومن أيامه # المشهورة يوم غيل جلاجل وذلك أن قوما من يام الخانق أظهروا مذهب الباطنية، وكان لهم مأذون قد أظهر إلحاده، فأعمل الإمام # الحيلة في قتله فقتل، واستمروا على إظهار المنكرات وارتكبوا⁣(⁣٢) الفواحش العظام واطّرحوا شرائع الإسلام حتى روي أنهم رموا قوما على قولهم الحمد لله.

  وكانت لهم ليلة تعرف بليلة الإفاضة، يجتمع فيها الرجال والنساء ويفضي بعضهم إلى بعض، وجاءت امرأة منهم جزّت ذوائبها بين يديه، وأخبرت أن ولدها غشيها في هذه الليلة، فغضب الإمام # وتجهز للخروج فنهض إلى الشام، فوصل إلى بلاد بني شريف وسنحان، ودعاهم إلى جهاد يام والخروج إليهم، واتعدوا للمخرج في شهر جمادى الأولى سنة تسع وأربعين، ثم أقبلت نهد وجنب وخثعم فقصدوا وادعة ويام، وقد لزموا جنبتي الوادي بغيل جلاجل في كل قابل مائة فارس وألف راجل، فوقع القتال الشديد وهزمت عساكر الباطنية، وقتل منهم جماعة كثيرة وانهزموا، فعاد العسكر المنصور إلى محطتهم بالغنائم الكثيرة، فباتوا ليلتهم، وكان من الغد تبعوا الدروب يخربون ويحملون ما يجدون فيها من الطعام والأثاث، فأقاموا على ذلك ثلاثة أيام يخربون دروب


(١) السحمة: السواد. قاموس، مادة: سحم.

(٢) في (أ): وأظهروا.