ذكر طرف من مناقبه وأحواله #:
  فحضرت دار أبي نصر على العادة واتفق حضور أكثر الجماعة، فلما استقر بي المجلس سلّم عليّ فتى شاب لم أعرفه فاستثبته. فقال: أنا ابن أبي القاسم بن أبان قاضي صور، فبدأت فأقسمت عليه بالله يمينا مكررة مؤكدة وبأيمان كثيرة مغلظة محرجة إلا صدق فيما أسأله عنه، فقال: نعم عندي أنك تريد أن تسألني عن المنام والضرير المذكّر وميتته الطريفة، فقلت: نعم هو ذاك فبدأهم وحدثهم بمثل ما حدثتهم به، فعجبوا من ذلك واستطرفوه وأنشد الساري قال أنشدنا والدي لنفسه:
  لن يبلغوا مدح النبي وآله ... قوم إذا ما بالمدائح فاهوا
  رجل يقول إذا تحدث قال لي ... جبريل أرسلني إليك الله
  وهو # في الجهاد السابق في الميدان، المبيد للأقران، المقطّر للشجعان روينا عن مصعب بن سعد عن أبيه قال: قال لي معاوية: أتحب عليا؟ قلت:
  وكيف لا أحبه وقد سمعت النبي ÷ يقول له: أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي، ولقد رأيته بارز يوم بدر وهو يحمحم كما يحمحم الفرس، ويقول:
  (ما تنقم الحرب العوان مني)(١) ... بازل عامين حديث سنّي
  سنحنح الليل كأني جني
  ثم قال:
  لمثل هذا ولدتني أمي
  فما رجع حتى خضّب سيفه دما(٢). وروينا عن عبد الله قال: دخل علي بن أبي طالب # - يوم قتل عمرو بن عبد ودّ - على رسول الله ÷ وسيفه
(١) ما بين القوسين في (أ) فقط. والعوان: من الحرب التي قوتل فيها مرة بعد مرة كأنهم جعلوا الأولى بكرا. مختار الصحاح ٤٦٣.
(٢) مناقب ابن المغازلي ٤٨ رقم ٤٨، وعمدة عيون الصحاح ١٨١ برقم ٢٠٧، وينابيع المودة ١٤/ ٥٩.