ذكر طرف من مناقبه وأحواله #
  ومرت قطعت، وشامخ طلعت ...
  تأتي على الناس لا تلوي على أحد ... حتى أتتنا وكانت دوننا مصر
  لكنها جاءت بما برّد الأحشاء، ولم يكن كلسان الأعشى.
  ثم قال: فلما اتصلت بحسام الدين، ورأس الموحدين أبي علي الحسن علامة أهل اليمن، عاينت ما يبهر العقول نورا، ويرد الطرف خاسئا حسيرا، كسرت من طرفها، وطامنت في أنفها، وقبضت من كفها، وسلمت له القياد، وقالت: هيت لك يا خير هاد، ألقت رحلها بحيث حط الفضل رحله، وصارت إلى من صار للعلماء قبله، وكان يومئذ مشغولا بتصانيف وأجوبة لا يقوم بها سواه، ولا ينهض بعبئها إلا إياه، دفعها إليّ وقال: حلل عقدها، وقوّم أودها، وكنت قد اغترفت من تياره غرفة طالوتية، أفرغت علي صبرا، ومنحتني على المناضل نصرا، فامتثلت الرسم العالي، على كثرة اشتغالي، وقلة إيغالي، مستعينا برب أزلي، قديم أبدي. فانظر إلى هذه الشذور الذهبية واليواقيت الفائقة العربية.
  ثم أخذ # في الكلام والأجوبة فكأنه السحر دقة، والماء عذوبة ورقة، وفرغ الجواب عليها من نهاية الإيضاح والبيان، ووسم الجواب «بالجوهرة الشفافة رادعة الطوافة» وأصحبها هذه الأبيات أنشدها # في داره بحصن ظفار حرسه اللّه تعالى:
  هذي أمانة من تلم به ... حتى يبلغها إلى مصر
  غراء واضحة تضيء ظلا ... م الليل مثل جمانة البحر
  عدلية تمضي لحاجتها ... فتنحّ عنها أيها الجبري
  إن كان فيها ما يسوؤك من ... ديني فليس عليك من وزري
  دعني وما ضمنتها فيه ... أرجو النجاة صبيحة الحشر