الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر طرف من مناقبه وأحواله #

صفحة 260 - الجزء 2

  مقيمها، ولا يكدر شرابها، ولا يهجم قبابها، ولا ييأس أربابها، وكيف لا يعمل لها العاملون، وينيب إليها المنيبون، وأهلها في الغرفات آمنون، وفي منازل اللذات قاطنون، يميسون بين ثياب العبقري الأحمر، والسندس الأخضر، والطميم المدثر والدمقسي المصور. ثياب خلقها الجبار، لم تصنع في هذه الدار، ولم تر مثلها الأبصار، لم تنسب إلى تنيس ودمياط، ليست بقهرية ولا قوهية ولا سيرية، ولا مفوفة مزورة، ولا حضرمية محبرة، ولا تنيسية مهلهلة، ولا هشامية مثقلة، ففي ذلك فليتنافس المنافسون⁣(⁣١).

  ومن كلامه #: ومن للمخف باللحاق، إذا أرسلت⁣(⁣٢) خيل السباق، وألصق القطيع بالساق، وكان إلى الحكم العادل المساق، فكم من متجلد مقطوع الأباهر، ومن ذي جلد للخد عاثر، وكم من موفق فاز بقدح القامر، وحد الواتر، فمن أنهته القناعة إلى السعة فاز، ومن أنهته الرغبة إلى الضيق عطب.

  ومن كلامه # في هذا الكتاب قوله: فانظر إلى أمية الطاغية، وفئتها الباغية، وعزتها العالية، ونخوتها السامية، وسطوتها العاتية، فهل ترى لها من باقية؟ دهمتها الداهية النآد، فألحقتها بظالمي قوم عاد، بعد أن طغت في البلاد، وأكثرت فيها الفساد، ووثرت المهاد، وثبت لها الوساد، وملكت النجاد والوهاد، حتى كان يخطب للواحد منهم كل يوم جمعة على ثمانين ألف منبر على رؤوس الأشهاد، فأي طمأنينة أعظم من هذه، فأحدث الله بعد أمر أمرا، فأصبح المهنّى بهم معزى، {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً}⁣[مريم: ٩٨] فيا له من إزعاج ما آلمه وأهمه وبطش ما أشده وأطمّه، وإن نظرت في أمر الجاهلية فكم من واعظة جلية، أين العمالقة والأكاسرة! والتبابعة والقياصرة! والفراعنة


(١) حديقة الحكمة النبوية ٤١.

(٢) في (أ): وقد أطلقت.