ذكر طرف من مناقبه وأحواله #
  العين من الرأس، فإنه لا يصلح جسد لا رأس فيه، ولا رأس لا عين فيه، ما ضر من سمع واعيتنا أهل البيت لو سعى إلينا ثم تفقد أحوالنا، فإن رأى رشدا تبعه بيقين، وإن رأى - والعياذ بالله - غيا فارقه مع المفارقين، وفاز ببرد علم اليقين، إن على العاقل عند التخويف أن يحاذر، وإن كذب المخوّف في النادر، إن سلكت سبيل السلامة فاعرف شروط الإمامة، واطلبها في مدعيها إن كنت ممن يعيها، إن الدعاوي متساوية من المدعين، ولكن أين الثمد(١) من المعين! والشك من اليقين! التفاضل بين البينات، ولا إشكال في المتعينات، لا تستوي الدرة ولا الصدفة، ولا الأريكة والحصفة، ولا الزيتونة واللصفة، كم بين من يدعي الإمامة وشاهده زرزر والموصلي وبرصوما وحنجفة وسلامة، ومن يدعيها فيملأ البلاد صلاحا وعلوما، ويظهر عليه من الخير سيما ويشهد له الفاضل والعلامة. من أنصف نفسه أنعم النظر في نجاتها، ومن تحرى رشده سعى في حياتها، ما ضر من أتعب نفسه مدة يسيرة لنيل ملكا كبيرا، وحاسبها على القطمير والنقير، فجاء موقف القيامة وقد أحرز السلامة، وفاز بالكرامة، ونجا من أهوال الطامة، رحم الله امرأ أخذ بعنان فرسه، وطار في سبيل الله إلى الهائعة، واستظل باللامعة، وجعل أشعة الحديد سراجه، وشق برد العجاجة، ودعا في فوارط أنوف الرجال نزال نزال، وصاح بأعلا صوته لعلو صيته، وشرف نيته، يا أيها الجند المجند، والحشد الملبد، حسبي عيال محمد، لا خلف لي عنهم ولا أمام، ولا نكول ولا انهزام، إن البيعة أخذت على المسلمين بيعة الإسلام، رويناه مسندا على أن يمنعوا رسول الله ÷ وذريته من بعده مما يمنعون منه أنفسهم وذراريهم، فوفى بها لله من وفّى وهلك بها من هلك، فانظر على من الشقوة والدرك بأنصار الذرية. أين النفوس الحرية، والمغارس الذريّة، والأحساب المضية، والأخلاق الرضية،
(١) الثمد: المال القليل.