الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

(وقعة الجمل)

صفحة 66 - الجزء 1

  فقال: بل من أصحاب أمير المؤمنين فقال: ابسط يدك لأبايعك لأمير المؤمنين فألقى الله على بيعته، أما والله ما كفتنا آية من كتاب الله، وهي قوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً}⁣[الأنفال: ٢٥] فوالله لقد أصابت الذين ظلموا منا خاصة.

  وكانت وقعة الجمل لعشر خلون من شهر جمادى الأخرى سنة ست وثلاثين، وكانت عدة القتلى ثلاثين ألفا برواية وكيع، ولما انقضى حرب الجمل بالفتح المبين لأمير المؤمنين #، وبلغ إلى معاوية ذلك، كتب إلى علي #:

   لعلي بن أبي طالب من معاوية بن أبي سفيان سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد: فوالله ما بقي أحد أحب أن يكون هذا الأمر إليه منك، ولقد عرفت رأي أبي قبل، لقد جاءك يوم توفى رسول الله ÷ يدعوك إلى البيعة، فأنا إلى ذلك اليوم أسرع إن أعطيتني النّصف، أو تحاملت على نفسك لقرابتي، إن استعملتني على الشام، وأعطيتني ما أثلج به لا تعزلني عنه بايعت لك ومن قبلي وكنا أعوانك، فقد رأيت عمر قد ولأني فلم يجد عليّ، وإن لم تفعل فوالله لأجلبن عليك خمسين ألف حصان قارح في غير ذلك من الخيل⁣(⁣١). فلما قرأ علي # الكتاب استشار فيه عبد اللّه بن عباس، والحسن بن علي، وعمّار بن ياسر رجلا رجلا، فقال عمّار: والله ما أرى أن تستعمله على الزرقاء وإنما بها خمسة أنفس، فقال علي #: اطو ذلك، ثم دعا الحسن وابن عباس، فقالا قد كنا أشرنا عليك أن تقرّه على عمله ولا تحركه حتى إذا بايع الناس أخذت ما أردت وأقررته إن رأيته أهلا لذلك⁣(⁣٢).


(١) المصابيح ٣٠٨.

(٢) المصابيح ٣٠٨.