الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

(وقعة الجمل)

صفحة 67 - الجزء 1

  وروينا عن السيد أبي العباس بإسناده أن عليّا # قال: كان المغيرة بن شعبة قد أشار عليّ أن استعمل معاوية على الشام وأنا بالمدينة فأبيت عليه، ولم يكن الله ليراني أن اتخذ المضلين عضدا⁣(⁣١)، قال: قال الواقدي في حديثه: فلمّا علم معاوية ذلك من علي # قال: والله ما كتبت إليه وأنا أريد أن ألي له شيئا، ولا أبايعه، ولكن أردت أن أخدعه وأقول لأهل الشام انظروا إلى عليّ، وإلى ما عرض عليّ فيزيدهم بصيرة، ويختلف أهل العراق عليه، فاحضر العشية حتى تسمع كلامي، فقام فحمد الله وأثنى عليه [و] قال: وكان إمامكم إمام الرحمة، والعفو، والبر، والصلاة، والصلة عثمان بن عفان، فبطر علي بن أبي طالب النعمة، وطالت عليه المدة، واستعجل أمر اللّه قبل حينه، وأراد أن يكون الأمر له فقتل إمامكم، وفرّق جماعتكم، وأطمع عدوكم فيكم. ومعه قميص عثمان وهو يقول: يا أهل الشام ذبح على هذا القميص كما تذبح الشاة، ثم بكى وأبكى أهل الشام ساعة طويلة، ثم قال: يا أهل الشام عمد ابن أبي طالب إلى البصرة، فسار إليها فلقي رجالا لا يعرفون قتاله، وأنتم أهل مناصحة في الدين، وأهل طاعة للخلفاء، يا أهل الشام إن الله تعالى يقول في كتابه: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً}⁣[الإسراء: ٣٣] وأنتم ولاة دم خليفتكم، والقائمون به، وأنا معكم، فأجابه أهل الشام: سر بنا حيث ننصر إمامنا ونطلب بدمه، والذي أمره بذلك - في حديث نصر بن مزاحم - عمرو بن العاص، قال نصر: حدثنا محمد بن عبيد الله، وعمر بن سعد، أن معاوية كتب إلى عمرو بن العاص وهو بفلسطين أما بعد: فقد كان من أمر علي وطلحة والزبير ما بلغك، وقد سقط إلينا مروان بن الحكم في رافضة أهل البصرة، وقدم إلينا جرير بن عبد الله في بيعة علي، وقد حبست نفسي عليك حتى تأتيني، فلما قدم الكتاب


(١) المصابيح ٣٠٩،