الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

(وقعة الجمل)

صفحة 68 - الجزء 1

  على عمرو استشار ابنيه عبد الله ومحمدا فقال عبد الله: قرّ في منزلك ولا تكن حاشية لمعاوية على دنيا قليلة، وقال محمد: إنك شيخ قريش، وإن يضرم⁣(⁣١) هذا الأمر وأنت فيه خامل تصاغر أمرك، فالحق بجماعة أهل الشام، واطلب بدم عثمان، فسار حتى قدم على معاوية، فقال: أبا عبد الله إن عليّا نزل بالكوفة متهيئا للمسير إلينا، فقال: والله ما تسوّي العرب بينك وبينه في شيء إلا أن تظلمه.

  وفي حديث عمر بن سعد أنه قال: أدعوك إلى جهاد هذا الرجل الذي عصى ربه، وشق عصى المسلمين، وقتل الخليفة، فقال عمرو: والله يا معاوية ما أنت وعليّ بعكمي بعير، فما تجعل لي أن أبايعك على ما تسمع من العز والخطر.

  وفي حديث عمر بن سعد أنه قال: أبا عبد الله، إني أكره أن تحدث العرب أنك دخلت في هذا الأمر لغرض دنيا، قال عمرو: دعني منك فإن مثلي لا يخدع لأنا أكيس من ذلك، فما تعطيني؟ قال: مصر طعمة. فخرج عمرو من عنده، فقال ابناه: ما صنعت؟ قال: أعطانا مصر. قالا: وما مصر في ملك العرب؟ قال: لا أشبع الله بطونكما إن لم تشبعا بمصر⁣(⁣٢).

  ثم إن أمير المؤمنين # أمر مناديه، فنادى في الناس أن اخرجوا إلى معسكر كم بالنّخيلة فأجابوه، ولم يبرح في النخيلة حتى قدم إليه ابن عباس مع أهل البصرة، ثم سار حتى إذا جاوز الجسر نزل في مسجد أبي سبرة فقصر فيها صلاة الظهر، ثم سار حتى نزل دير أبي موسى على فرسخين من الكوفة فصلى العصر، وقدم زياد بن النضر الحارثي في ثلاثة آلاف، وشريح بن هاني في ألفين فمضيا حتى إذا جازا عرض الجزيرة فلقيهما أبو الأعور عمرو بن سفيان السلمي في حد الشام في خيل عظيمة، فدعواه إلى الطاعة فأبى إلا القتال، فراسلا أمير


(١) في (ب): وإن انصرم.

(٢) ابن مزاحم في وقعة صفين ص ٣٨، وابن أبي الحديد شرح النهج ٢/ ٦٥.