الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

(وقعة الجمل)

صفحة 73 - الجزء 1

  هاشميا مليا بالنزال، لا ينظر إلى عورات الرجال، وقال احمد الله يا عمرو وعورتك، فقال عمرو: يا معاوية، أما والله لو بدا له من صفحتك لأوجع قذالك وأيتم عيالك، وأنهب مالك.

  وفي بعض الأخبار أن معاوية ضحك، فقال عمرو: مم تضحك؟ فقال:

  يضحكني دفعك عليا عن نفسك بالأستاه، ولقد كان كريما لا ينظر إلى عورات الرجال، فقال له: هلا ضحكت إذ دعاك علي إلى البراز، فاحولّت عيناك، ومالت شدقاك، وارتعدت فرائصك، وبدا من أسفلك شيء أكره ذكره.

  وخرج بعد أيام بسر بن أرطأة إلى علي # وهو لا يعرفه، فلما بصر به عرفه، وحمل عليه علي #، فسقط عن فرسه، ورفع رجله، وكشف عورته، وصرف علي # وجهه، ووثب بسر هاربا، فضحك معاوية من بسر، وقال:

  لا عليك، فقد نزل بعمرو ما نزل بك، وصاح فتى من أهل الكوفة ويلكم يا أهل الشام أما تستحيون لقد علّمكم عمرو بن العاص في الحرب كشف الأستاه، ثم أنشأ يقول: -

  أفي كل يوم فارس ذو كريهة ... له عورة وسط العجاجة باديه

  يكف له عنه علي سنانه ... ويضحك منه في الخلاء معاوية

  بدت أمس من عمرو فقنع رأسه ... وعورة بسر مثلها حذو حاذيه

  فقولا لعمرو وابن أرطأة انظرا ... سبيلكما لا تلقيا الليث ثانيه

  فلا تحمدا إلا الخنا⁣(⁣١) وخصاكما ... هما كانتا والله للنفس واقيه

  فلولاهما لم تنجوا من سنانه ... وتلك بما فيها عن العود ناهيه

  وكان بسر مرة يضحك من عمرو، وعمرو يضحك من بسر.

  وتحامى أهل الشام عليّا # وخافوه خوفا شديدا، وصار حديث عمرو


(١) الخنا: الفحش. المختار ١٩٢.