الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

(وقعة الجمل)

صفحة 79 - الجزء 1

  عدلا بين أهل العراق والشام لا يحضرهما فيه إلا من أحبا عن ملأ منهما وتراض، والناس آمنون على أنفسهم وأهليهم، وأموالهم إلى انقضاء مدة الأجل، والسلاح موضوع، والسبيل مخلاة، وكان الكتاب في صفر، والأجل الذي يلتقي إليه الحكمان شهر رمضان، ثم إن الأشعث خرج بالكتاب يقرؤه على الناس، فرضي به أهل الشام، ثم مر برايات عنزه وكان منهم مع علي # أربعة آلاف مجفف، فلما قرأه عليهم قال معدان وجعد (أخوان): لا حكم إلا لله، فهما أول من حكّم، ثم حملا على أهل الشام، ثم مرّا به على مراد، فقال صالح بن شقيق:

  ما لعلي في الدماء قد حكم ... لو قاتل الأحزاب يوما ما ظلم

  لا حكم إلا لله ورسوله، وقال بنو راسب كذلك، وكذلك رجل من تميم، وآخر يقال له: عروة بن أذيّة حتى قالوا: يحكمون⁣(⁣١) الرجال، وقالوا لعلي:

  ارجع وتب كما تبنا وإلا برئنا منك فإنا لسنا نرضى بما في الصحيفة، ولا نرى إلا قتالهم، فقال علي #: ولا أنا رضيت لكن لا رأي لمن لا يطاع، ولا يصلح الرجوع إلا أن يعصى الله ويتعدى حدود ما في كتابه فيقاتل من ترك أمره، ثم إن الناس أقبلوا على قتلاهم يدفنونهم⁣(⁣٢). ثم إن عليّا # بعث شريح بن هاني في أربع مائة، وعبد الله بن عباس يصلي بهم، ومعهم أبو موسى. وجاء عمرو بن العاص في أربعمائة إلى دومة الجندل، فنزل عمرو بأصحابه، وابن عباس وشريح وأبو موسى مقابلهم. وكتب النجاشي شاعر علي # عند ذلك إلى أبي موسى قصيدة منها:

  أبا موسى جزاك الله خيرا ... عراقك إن حظك بالعراق

  وإن الشام قد نصبوا إماما ... من الأحزاب معروف النفاق

  وإنا لا نزال لهم عدوا ... أبا موسى إلى يوم التلاق


(١) في (ج): أتحكمون.

(٢) المصابيح ٣٢٢.