(وقعة الجمل)
  إليهم، فصاح: يا أهل الذلّ والوهن، أحين علوتم فظنوا أنكم قاهرون رفعوا المصاحف، حدثوني عنكم فقد قتل أماثلكم، متى كنتم محقين؟ أحين قتل خياركم! فأنتم الآن حين أمسكتم عن القتال مبطلين! أم أنتم محقون؟ فقتلاكم الذين كانوا خير منكم في النار! قالوا: دعنا منك يا أشتر، قال: خدعتم فانخدعتم، فسبوه وسبهم، وضربوا بسياطهم وجه دابته، وضرب دوابهم، وصاح بهم علي # فكفوا، فبعث علي # نفرا قراء من أهل العراق، وبعث معاوية من أهل الشام، فاجتمعوا بين الصفين ومعهم المصاحف، واجتمعوا على أن يحيوا ما أحيا القرآن، ويميتوا ما أماته، وعلى أن يحكموا رجلين أحدهما من أصحاب علي #، والآخر من أصحاب معاوية، فقال أهل الشام: اخترنا عمرا ابن العاص، فقال الأشعث والخوارج: رضينا بأبي موسى، فقال علي #: إني لا أرضى به وليس برضى، وقد فارقني وخذل الناس عني، ثم هرب مني ولكن هذا ابن عباس، قال(١): والله ما نبالي أنت كنت أو ابن عباس، قال: فإني أجعل الأشتر. فقال الأشعث: وهل ضيّق سعة الأرض علينا إلا الأشتر، فقال علي #: فإني أخاف أن يخدع يمنّيكم، فإن عمرا ليس من الله في شيء، قال الأشعث: هو أحب إلينا، فقال علي #: قد أبيتم إلا أبا موسى؟! قالوا: نعم. فبعثوا إلى أبي موسى، فجاء الأحنف بن قيس إلى علي #، فقال: يا أمير المؤمنين إن شئت أن تجعلني حكما، أو ثانيا، أو ثالثا فإنه لا يعقد عقدة إلا حللتها، ولن تحل إلّا عقدت، فأبى الناس ذلك، ثم إن أبا موسى وعمر ابن العاص أخذا على علي # ومعاوية عهد الله بالرضى بما حكما به من كتاب الله تعالى وسنة نبيه ÷، على أن الحكمين أن يحكما بكتاب الله وسنة رسوله ÷، فإن لم يفعلا برئت الأمة من حكمهما، وللحكمين أن ينزلا منزلا
(١) أي الأشعث قبحه الله.