المجموع الفقهي والحديثي،

الإمام زيد بن علي (المتوفى: 122 هـ)

عبادته وخشيته

صفحة 42 - الجزء 1

  وتجدر الإشارة إلى ضرورة التصحيح لمعلومة مغلوطة يوردها بعض الكتاب حول علاقة الإمام زيد بن علي بواصل بن عطاء، وبأنه أخذ عن واصل بعض العلوم، إذ هي دعوى لا سند لها ولا برهان، ومثل هذه الدعوى لا يمكن تصديقها أو التسليم بها على الإطلاق، وكيف لها أن تصدّق، وكتب التاريخ مليئة بإقرارات الجهابذة من العلماء في عصر الإمام زيد بأنه أعلم أهل زمانه، وأنه يعلم ما لا يعلم غيره، وأنه لم يعرف له مثيل إلاَّ من آبائه، ثم إن زيداً أكبر سناً من واصل بن عطاء، ولم يعرف عنه # أنه أهدر وقتاً، حتى يتسنى لمن هو أصغر منه اللحاق به، فضلاً عن الوصول إلى مستوى المعلم له، بل إن واصلاً كغيره - من العلماء والمستفسرين والمسترشدين - كان يرجع إليه في حل المشكلات وفك المعضلات، ويقصده بمسائله، ومنها على سبيل المثال استفساره عن مسألة الخلافة، وهو ضمن رسائل الإمام زيد #، كما أن المعتزلة جعلوا الإمام زيد بن علي في الطبقة الثالثة، وجعلوا واصل بن عطاء في الطبقة الرابعة، وتجدر الإشارة إلى أن كثيراً من الكتاب يخلطون بين الزيدية والمعتزلة، فهم وإن توافقوا في بعض مسائل الأصول، فقد اختلفوا في البعض الآخر، ومن أهم الكتب التي أوضحت هذه الفروق (مجموع السيد حميدان) و (اللآلئ الدرية)⁣(⁣١)، وتأكيداً على كل ذلك نورد هنا قول الإمام زيد في خطبة له: (أيها الناس والله ما قمت فيكم حتى عرفت التأويل والتنزيل، والمحكم والمتشابه، والناسخ والمنسوخ، وإني لأعلم أهل بيتي بما تحتاج إليه هذه الأمة، ولقد علمت علم أبي علي بن الحسين، وعلم أبي الحسين بن علي، وعلم أبي علي بن أبي طالب، وعلم رسول الله ÷)⁣(⁣٢).

عبادته وخشيته

  قال الإمام يحيى بن زيد: (رحم الله أبي كان أحد المتعبدين، قائم ليله، صائم نهاره، كان يصلي في نهاره ما شاء الله، فإذا جن الليل عليه نام نومة خفيفة، ثم يقوم فيصلي


(١) اللآلئ الدرية (تحت الطبع).

(٢) المنهاج الجلي (خ).